عددالزائرين الان

السبت، 19 أغسطس 2017

موقع راديودلهمو الاخبارى بالانفوجراف...الإرهاب يدهس "أوروبا"

بعد أن احتضنت عدد من الدول الأوربية قيادات الجماعات الإرهابية ووفرت لهم ملاذًا آمنًا، لم تتخيل هذه الدول أن ينقلب السحر على الساحر وتصبح عاجزة عن توفير الأمن والأمان لمواطنيها من الإرهاب الذي استخدم "الدهس" و"الطعن" وسيلة  لحصد أرواح الأبرياء، لتصبح السيارة التي يستقلها سلاح جديد "لدهس الأبرياء" وحصد أرواحهم في رسالة تؤكد على أنه لا مفر من تكاتف الدول والوقوف صفاً واحدًا للقضاء على الإرهاب

الجمعة، 4 أغسطس 2017

موقع راديودلهمو الاخبارى مطلوب مراسلين ومحررين ومصوريين للاتصال ع

موقع راديودلهمو الاخبارى مرصد حلوان.. الصندوق الذهبى لرسائل السماء إلى المصريين

فى عام 1995 أطلق المفكر الاقتصادى المعروف جلال أمين كتابه الشهير «ماذا حدث للمصريين»، معبراً عن سؤاله الحائر بأسلوب رشيق ولغة سلسلة، عن التدهور الرهيب فى جميع مناحى حياة
المصريين اليومية خلال خمسين عاماً فقط بدأها من عام 1945 وصولاً إلى عام 1995 وقت صدور الكتاب، وانكسار ذوقهم الاجتماعى والموسيقى والسينمائى، وقبل كل ما سبق تفوق المصريين العلمى وصعود عبقريات متفردة فى مجال الصناعة والطب وأيضاً علوم الفلك.
السؤال الحائر للمفكر الاقتصادى الكبير جلال أمين لابد أن يقفز فى مخيلتك بمجرد أن تتخطى بقدميك البوابة الحديدية العتيقة لمرصد حلوان الذى كان منذ سنوات قريبة لا تتجاوز النصف قرن أحد أقدم وأكبر وأهم المراصد الفلكية فى الوطن العربى الذى ربما لا تعرف عنه الأجيال الشابة من المصريين شيئاً، ليظل السؤال الحائر والمحزن معاً مفاده: ماذا حدث للمصريين، وهل فقدوا شهيتهم الحضارية نحو الإبداع والابتكار والتفرد؟
البداية حينما جاء القائد العسكرى الفرنسى نابليون بونابرت بحملته الشهيرة الى مصر عام 1799، عرف ان سماء المحروسة ترسل عطاياها إلى المصريين، وتفك شفرتها من حركة الكواكب والنجوم، فبنى مرصداً فلكياً بسيطاً فى القاهرة، وظلّ يعمل حتى سنة 1860 عندما تقرر إغلاقه. ولم ييأس العلماء الفرنسيين وازداد فضولهم لقراءة سماء مصر ورصد نجومها فتم عام 1868 بناء مرصد جديد فى منطقة العباسية. وأراد العلماء الفرنسيون استخدامه فى إجراء دراسات على مجال الأرض المغناطيسى، غير أنهم اكتشفوا أن ذلك لن يكون ممكناً بسبب خطوط القطارات المحيطة بالمكان التى تؤثر فى مغناطيسيّته، كما ازداد التلوث الضوئى الصادر من مدينة القاهرة عموماً مصعباً استخدام المرصد، فتقرَّر نقله إلى حلوان فى سنة 1903، ليسجل التاريخ ميلاد أحد أقدم وأكبر وأهم المراصد الفلكية فى الوطن العربى، خصوصاً فى تحديد المسائل الفلكية فى الإسلام كرصد الأهلة وتحديد مواقيت الشهور بالتقويم الهجرى لتختاره منظمة اليونسكو فى سنة 2011 كأحد مواقع التراث العالمى فى مصر.
التجول فى ارجاء المرصد يعطيك شعوراً بحالة من السكون، كانت تلف المكان فى الزمن البعيد، فالمرصد مبنى على شكل نصف دائرة، وموجود به مبانٍ مختلفة التصميم، فما بين قبة دائرية، ومبنى إدارى، ومتحف للمعدات القديمة، القبة الخضراء، أنشئت عام 1930، لرصد النجوم، كما تحتوى على تليسكوب شمسى، لرصد الظواهر الشمسية، إلى جوار مبنى يختص بالزلازل وقياس درجاتها.
 يقول الدكتور اشرف شاكر: إن المكان يرتاده الشغوفون بعلم الفلك، يذهبون إلى مبنى على شكل منارة، يرفرف عليها علم باهت لمصر، ويتضمن مكتبة عامرة بآلاف الكتب العلمية، التى تعد مرجعاً أساسياً للأفلاك. المبانى يقبع بعضها فى مكانها منذ عام 1903، كالمبنى الخاص بالتليسكوب.
يحيط المكان من كل جانب لون الرمال الصفراء تحيط بها جبال متكسرة على شكل هضاب غير متساوية تغرق فى فضاء شاسع، أما الجهة المقابلة، فوسط ركام من الأتربة، وعواصف الغبار، تربض العمارات الشاهقة، تتنفس أبخرة دخان المصانع المنتشرة حولها ليصبح حرم المرصد كتلة من التلوث والقبح المعمارى.
حكاية المرصد وما يمتلكه من مقتنيات نادرة لا يوجد مثيل لها فى العالم وراءها قصص ومرويات غريبة.. هكذا تحدث إلى «الوفد» الدكتور اشرف شاكر أستاذ الفلك بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الذى اخذنا فى جولة بين طرقات المرصد وعمارته العتيقة قائلاً: أقيم مرصد حلوان فى بدايات القرن الماضى، على ربوة من الحجر الجيرى ترتفع نحو 115م فوق مستوى سطح البحر، فى منطقة حلوان النائية آنذاك، حيث كانت تبعد مسافة 30 كم جنوب القاهرة، ولا يزال حجر أساس المرصد الأول موجودًا حتى يومنا الحالى.
يذكر الدكتور أشرف شاكر أن مرصد حلوان كان منذ بداياته الأولى قبلة علماء الفلك فى العالم ومحط دراساتهم وأبحاثهم مشيراً إلى: لقد كان لجمال منطقة حلوان فى ذلك الزمن، ووضوح السماء والرؤية سبباً رئيسياً فى جذب العديد من العلماء منهم سير «هنرى رينولدز» البريطانى الذى كان عالما بالفلك، حيث قرر إهداء مرصد حلوان منظاراً يبلغ قطر مرآته 30 بوصة، ومن هنا كانت البداية، حيث اكتسب مرصد حلوان شهرة عالمية بين مراصد العالم، ليس لأنه المرصد المصرى فقط، بل لأنه المرصد الأوحد فى منطقة الشرق الأوسط آنذاك، وفى تلك البقعة البعيدة من العالم الغربى كانت ليالى الرؤية واضحة بشكل كبير، بل إن ليالى الرصد السنوية تعدت 200 ليلة من إجمالى 365 ليلة هى ليالى السنة كلها، الأمر الذى جعل من السهل على المرصد المصرى أن يبدأ بداية تليق بتاريخ أجداده الفراعنة ويرصد بكل دقة ووضوح للعالم حركة النجوم الخافتة والكواكب.
يقول الدكتور أشرف شاكر بنبرة فخر واعتزاز: إن مرصد حلوان قدم فى أول اكتشاف مسجل باسمه حتى اليوم تصويرا دقيقا لمذنب «هالى» الذى تحدث عنه العلماء كثيرا دون أن يروه رأى العين، لكن مرصد حلوان قدم أول صورة عالمية له عام 1909 قبل مراصد العالم الغربى بسنة كاملة لتصبح صورة مذنب «هالى» المصرية أهم مرجع لكل عالم يقوم بدراسة المذنب حتى يومنا الحالى، كما شارك مرصد حلوان فى اكتشاف كوكب «بلوتو» فى عام 1930م، كما كان للمرصد دور فى تحديد نقاط الحدود الشرقية فى سيناء عام 1906 حيث كانت سببًا رئيسيًا لعودة سيناء كاملة فى المباحثات والمفاوضات والتحكيم الدولى لطابا 1984.
للمرصد أهمية كبيرة بالنسبة إلى العالم العربى والإسلامى فى تحديد مواقيت الأهلة والصلوات وغيرها من المسائل الإسلامية. كما أن المعهد يقوم أيضاً بدراسات حول مجال الأرض المغناطيسى، والنشاط الزلزالى فى المنطقة، ومجال الطاقة الشمسية (إذ يعد أطلساً للإشعاع الشمسى والطاقة بمصر)، ومجال البترول والتعدين. ويشارك مرصد حلوان على الدوام بمتابعة الأهلة وتحديد مواقيتها خصوصاً فى شهر رمضان، ورصد وأحداث الكسوف والخسوف، كما شارك سنة 2012 برصد عبور الزهرة التاريخى الثانى والأخير فى القرن.
ندخل حجرة ضيقة لا يتجاوز اتساعها المترين، سقفها عالٍ من عروق الخشب كمن يريد ان يعانق السماء، مغلقة بقفل كبير مفتاحه مع الدكتور أشرف شاكر الذى كان حريصاً على ان يشاهد «الوفد» تلك الحجرة العجيبة التى تسمى بغرفة الساعات حيث أخذ يشرح لنا طبيعة عمل الساعة النجمية التى لا يوجد مثلها فى العالم: ان تعيين الزمن لمصر والسودان بكل دقة إحدى المهام الرئيسية لمرصد حلوان وتوجد به لهذا الغرض ساعات دقيقة مختلفة غير أنه لما كان سير الساعات بأنواعها يتأثر بالظروف الجوية المختلفة مثل درجة الحرارة والرطوبة والضغط الجوى وهى أمور لا يمكن التحكم بها. لذا وجد أنه يجب معايرة تلك الساعات من آن لآخر بحركة دوران الأرض حول نفسها باعتبارها الساعة الكونية العظمى التى لا يعادلها شىء آخر فى دقة حركتها. وينتج عن هذه الحركة ما يسمى بالحركة الظاهرية للنجوم التى برصدها يتم ضبط الساعات عالميا بدقة عالية. وتؤخذ هذه الأرصاد بواسطة منظار خاص يسمى بالمنظار الزوالى وتسجل لحظات عبور النجوم كهربائيا مع دقات الثوانى للساعة الرئيسية على جهاز مسجل الزمن لتعيين مقدار الخطأ فى الساعة النجمية، ومن ثم تقارن بها الساعات التى تبين الوقت المدنى لتعيين مقدار الخطأ وتصحيحه يوميا بحيث لا يتجاوز الخطأ فى إشارات الوقت التى تُعطى من المرصد واحدًا على خمسة من الثانية.
وفى الماضى كان يوجد اتصال كهربائى بين المرصد ومصلحة التلغراف وبأجهزة خاصة فى الموانئ المصرية وبالجهاز الخاص بإطلاق مدفع الظهر من القلعة، وكذلك كانت الساعة الموجودة بالمرصد تضبط الساعة الموجودة بتفتيش عام ضبط النيل التى تحتوى على جهاز لإرسال ست إشارات زمنية إلى محطة الإذاعة وساعة جامعة القاهرة فى تمام الساعات وأنصافها.

موقع راديودلهمو الاخبارى أين اختفى السلفيون؟

قال عنه الإمام الشافعى، رحمه الله، «إمام فى ثمانى خصال: إمام فى الحديث، إمام فى الفقه، إمام فى اللغة، إمام فى القرآن، إمام فى الفقر، إمام فى الزهد، إمام فى الورع، إمام فى السُنة».


إنه الإمام أحمد بن حنبل، أحد الأئمة الأربعة، صاحب محنة «خلق القرآن»، الملقب بإمام أهل السنة والجماعة، والذى أصبح سلوكه خلال المحنة دليلاً على التمسك بمنهج السلف. ورسمت مواقفه وآراؤه المعالم الأولى للمنهج السلفى فى التاريخ الإسلامى؛ حيث تمسك بمنهج أهل السُنة فى الاستدلال بالكتاب والسُنة وأقوال الصحابة.
رُوى عنه أنه بات ليلة يبكى، فلما سُئل عن بكائه، قال: «ذكرت ضرب المعتصم إياى ومرَّ بى فى الدرس قوله تعالى: «وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله» فسجدت وأحللته من ضربى فى السجود».
ولما جاءه من يسألونه فى محنته الخروج على الخليفة العباسى «الواثق» نهاهم عن ذلك، وقال عليكم بالإنكار فى قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشتتوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا فى عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر ويستراح من فاجر، هذا ليس صواباً، هذا خلاف الآثار».
ولكن واقع الحركات السلفية خاصة الجهادية لم يعكس أبداً قيم وروح ابن حنبل الذى أوذى وسجن وعذب وجلد، ومع ذلك أنكر على أصحابه شق وحدة المسلمين ورفض سفك الدماء، وعفا وأحل من أذاه.
فطاعة ولى الأمر واجبة حتى ولو كان فاجراً فاسقاً، والثورة عليه منكر لما تجلبه من الأخطار، وتعطله عن مصالح الناس فى حياتهم اليومية.
والدعوة السلفية هى نسبة إلى السلف، والمقصود بهم فى الاصطلاح أهل القرون الثلاثة الأولى، استناداً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتى من بعد ذلك ناس يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويكثر فيهم الكذب». وإذا كان الإمام أحمد بن حنبل فى محنته رسم إطارها العام، فقد جاء «ابن تيمية» الملقب بشيخ الإسلام ليضع قواعدها.
وعلى هذا المنهج نشأ التيار السلفى فى مصر، وتبلورت معالمه مع بداية السبعينات، وتنوعت تنظيماته فيما عرف بالسلفية العلمية، والسلفية الجهادية، والسلفية الحركية، والسلفية المدخلية، وعلى الرغم من خلافاتهم المنهجية تجاه العديد من القضايا، لكنها توافقت جميعا على حرمة المشاركة فى العمل السياسى والانتخابات باعتبارها حكمًا بغير ما أنزل الله تعالى. ومع ثورة 25 يناير تغيرت وتحولت المواقف، واعتبر السلفيون أن الفرصة مواتية لتطبيق منهجهم الفكرى عبر الوصول إلى السلطة، وبالفعل شكلوا العديد من الأحزاب، وكانت المفاجأة حصول الأحزاب السلفية تحت اسم تيار الكتلة الإسلامية الذى ضم أحزاب النور والأصالة والبناء والتنمية على 25٪ من إجمالى مقاعد مجلس النواب فى انتخابات 2011، فى مفاجأة غيرت ملامح الخريطة السياسية فى مصر.
وفى أعقاب ثورة 30 يونيه، اختفت الأحزاب السلفية من المشهد، ولم يحصل حزب النور فى انتخابات 2015 إلا على 2٪ من إجمالى مقاعد مجلس النواب.
«الوفد» تناقش فى هذا الملف ملامح التحول لدى التيار السلفى، وصعوده المفاجئ، وهبوطه القاسى، وصراعاته التى تهدد وجوده المستقبلى.

 «الدعوة السلفية» من عتمة الشوارع الخلفية إلى شمس «ميدان التحرير»

فى مؤتمر «التحولات السلفية الدلالات، التداعيات والآفاق» الذى عُقد بالعاصمة الأردنية (عمَّان) فى الأول من يوليو ٢٠١٣، قال صلاح الدين الجورشى، المفكر التونسى، الخبير فى الحركات الإسلامية، «نريد أن يكون السلفيون جزءاً من هذه التحولات من حولنا، بدلاً من أن يكونوا تهديداً لها، وعلى السلفيين اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب قطع العلاقات مع الرأى العام والقوى السياسية الأخرى، بما فى ذلك الاستعداد للاستماع إلى وجهات النظر المختلفة ونبذ العنف».
والواقع أن الدعوة السلفية قد شهدت تحولاً دراماتيكياً فى أعقاب ثورة 25 يناير، من العداء السافر للعمل السياسى والحزبى إلى الانخراط التام فى المعارك الانتخابية، والانغماس الكامل فى الحياة السياسية، وبالمخالفة لكل ثوابتها التى جسدتها الوثيقة المعروفة باسم «السلفيَّة ومناهج التغيير»، وهى دراسة كتبها د. ياسر برهامى، نشرت بمجلة «صوت الدعوة»، الناطقة باسم الدعوة السلفية، وحملت موقف الدعوة تجاه العديد من القضايا المهمة، والتساؤلات الجوهرية حول موقف الدعوة السلفية تجاه مؤسسات الدولة والمجتمع أهمها: التأكيد على كفرية المجالس التشريعية التى تسن قوانين مخالفة للشرع تلزم بها العباد، والتى ترى أن للأغلبية أن تفرض رأيها حتى ولو كان مخالفاً للشرع، وأن الأحزاب التى تقوم على مبادئ العلمانية والديمقراطية والاشتراكية والشيوعية، وغيرها من المبادئ الوضعية التى تخالف أصل الإيمان والإسلام تعد من العصبية الجاهلية والولاء للكافرين والمنافقين، ما يستوجب على كل مسلم رده وهجره ومحاربته والتبرؤ منه.
ثم عاد ياسر برهامى بعد سنوات من نشره هذه الدراسة، إلى تأكيده أنه كان يقصد المجالس التى تتبرأ من الشريعة، وعلى رأسها البرلمانان التونسى والتركى.
ورغم ذلك وقبل ثورة 25 يناير، أصدرت «الدعوة السلفية» بياناً بتاريخ 3 يوليو 2010 بعنوان «الدعوة السلفية.. بين فهم الواقع.. والمشاركة السياسية»، أكدت فيه موقفها الرافض من المشاركة السياسية ودخول البرلمانات، وأنه مؤصلُ بناءً على رؤية عقدية شرعية، سنية سلفية، ولم يكن مبنياً فقط على النظر فى الواقع الحالى أو المستقبلى، ولم تقتصر وسائلهم فى بيان رأيهم على نشر الوعى عن طريق الخطب أو الدروس، بل صدرت النشرات المكتوبة، مثال ذلك (نشرة السبيل) الصادرة سنة 1986م التى ربما كانت - حينها – هى الأوراق الوحيدة المكتوبة التى تناولت موقف الدعوة السلفية فى تلك القضية وفق منهج أهل السنة.
وفى 21 يناير 2011، أصدر ياسر برهامى فتوى حول حكم المشاركة فى ثورة 25 يناير التى دعا لها عدد من الناشطين على الإنترنت اقتداءً بثورة تونس.. جاء فيها «إننا انطلاقاً مِن تمسكنا بديننا وشعورنا بالمسئولية تجاه بلادنا وحرصاً على مصلحتها، وتقديماً وتغليباً لأمن العباد والبلاد فى هذه الفترة العصيبة، وتفويتاً لمقاصد الأعداء التى تهدف إلى نشر الفتن نرى عدم المشاركة فى تظاهرات الخامس والعشرين من يناير».
وفى 29 يناير 2011، أصدرت الدعوة ما يسمى «البيان الأول للدعوة السلفية بالإسكندرية بشأن الأحداث الجارية»، جاء فيه «لا يخفى على أحد ما حدث بعد مظاهرات الأمس مِن تخريبٍ للمُمْتلكات العامَّة والخاصَّة، وعملياتِ سَلْبٍ ونَهْبٍ تُعَرِّضُ المجتمعَ كُلَّه لأعظم المخاطر، وأَيُّ مكاسبَ تحصل للأُمَّة مِن تدمير وحَرق المبانى العامَّة والوثائق والمستندات، وإطلاقِ سَرَاح المجرمين، وكُلُّ هذه المصائب يُخْشَى مِن تضاعفها فى حالة استمرار الفَوْضَى».
وفى 5 فبراير 2011 شارك رموز الدعوة السلفية فى التوقيع على البيان الأول الصادر عن «الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات»، والذى تضمن الاعتراف الشرعى بأن «المطالبات السلمية المنضبطة لا تعد خروجاً على الشرعية، أو مخالفة للشريعة الإسلامية»، وأن الموقعين على هذا البيان «يحتسبون المقتولين من أهل الإيمان بسبب الاعتداء عليهم - شهداء عند الله تعالى»، وكان من أبرز الموقعين على البيان رموز وقيادات الدعوة السلفية، وهم الشيخ ياسر برهامى، الشيخ محمد إسماعيل المقدم، الشيخ سعيد عبدالعظيم، الشيخ محمد يسرى، والشيخ أحمد فريد.
ثم عادت وأصدر بيان التحول الجوهرى فى 22 مارس 2011 والذى جاء فيه «تعلن الدعوة السلفية أنها بعد التشاور والمحاورة فى ضوء المتغيرات الجديدة قد قررت المشاركة الإيجابية فى العملية السياسية، وأنها بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة».
وهكذا فى بضعة كلمات قليلة لا تسمن ولا تغنى من جوع حولت الدعوة مسارها التاريخى والعقائدى بالمشاركة فى العملية السياسية، وبالتالى تأسيس الأحزاب والمشاركة فى الانتخابات والمجالس
النيابية.
وفى 8 أبريل 2011، واصلت الدعوة تراجعاتها الفكرية والعقائدية حول حرمة المشاركة فى المظاهرات بإعلان تأييدها المطالب العادلة للجماهير المصرية التى ستتظاهر سلمياً يوم الجمعة 8/4/2011، لاسترداد حقوقها المنهوبة، وتعجيل محاكمة جميع المفسدين الذين أجرموا فى حق الشعب والثوار قبل وأثناء الثورة، على أن تقتصر المظاهرة على يوم الجمعة.
وتبلور الدعوة موقفها فى 30 نوفمبر 2011، بفتوى صادرة عن ياسر برهامى حول ضوابط الخروج والتواجد فى المظاهرات، جاء فيها «نحن لا نشترك فى هذه المظاهرات مهاجمين الشرطة أو غيرهم؛ بل لنكف أيدى الناس بعضهم عن بعض؛ ولمنع سفك الدماء، وشعارنا: (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ) (المائدة:28)، فإما أن تحضر بهذه النية وهذا السلوك، ويكون ذلك مع إخوانك الملتزمين، وتكونون يداً واحدة فى الدعوة إلى الله؛ وإلا فلا تحضر.
بل وتحولت المظاهرات إلى سلاح جديد لدى الدعوة السلفية؛ حيث أعلنت الأحزاب السلفية ممثلة فى أحزاب «النور» و«الأصالة» و«الإصلاح» السلفية، و«البناء والتنمية» فى بيان لها فى 3 نوفمبر 2011 عن رفضه الوثيقة التى أصدرها الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء، والتى تضمنت مبادئ اللجنة الدستورية «جملة وتفصيلاً»، ومهددة بالتظاهر.
وبعد انتظار طويل تعود الدعوة السلفية فى مقال منشور على موقعها فى 19 أكتوبر 2016 لياسر برهامى تحت عنوان «أسباب تواجدنا فى المشهد فى السياسى» لتعلن أن التواجد فى المشهد السياسى إنما هو لأجل التغيير نحو الأصلح، وهو «الإصلاح الحقيقى» ويشمل دائرة هوية الأمة، وعدم التنازل عنها والتأكيد عليها، والتأثير فى طبقات المجتمع بالخلطة بالناس فى كل المجالات؛ لنظهر لهم الصورة الصحيحة للعمل الإسلامى، وقول الحق وإقامة الحجة.

 «النور».. من الصعود السريع إلى السقوط المريع بين «يناير» و«يونيو»

فى بداية السبعينات التقوا داخل كلية طب الإسكندرية، مع بداية موجة المد الإسلامى فى إطار تيار الجماعة الإسلامية الذى بدأ حينها يفرض سطوته وهيمنته على الحركة الطلابية بدعم من الرئيس السادات، ولكنهم سرعان ما اختلفوا مع الأغلبية السائدة داخل التيار والمنتمية لجماعة الإخوان المسلمين.
وسرعان ما تلاقت الأفكار بينهم: أحمد فريد وأحمد حطيبة ومحمد عبدالفتاح أبوإدريس وياسر برهامى ومحمد إسماعيل المقدم، تأثروا بكتب التراث وأفكار ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب، وكانت النتيجة انسحابهم من الجماعة الإسلامية التى هيمن عليها أفكار الجهاد فى جامعتى أسيوط والمنيا وأفكار حسن البنا فى باقى الجامعات، وفى هذه اللحظة التاريخية وضعت هذه النواة اللبنة الأولى فى تأسيس الدعوة السلفية، وعبر كتابى «فضل الغنى الحميد» لياسر برهامى، و«معًا على طريق الجنة» الذى تضمن مجموعة الرسائل الطلابية التى كانوا يصدرونها، بدأت خطواتهم تتبلور وتتضح معالم منهجهم، فولد ما يسمى بتيار السلفية العلمية بالإسكندرية، باعتبارها مؤسسة دعوية تقوم على دعوة الناس لفهم الكتاب والسنة وفقًا لمفهوم سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعى التابعين خلال القرون الثلاثة الأولى للإسلام.
وبدأت أولى الخطوات بتأسيس معهد الفرقان لإعداد الدعاة، وإصدار مجلة «صوت الدعوة»، وعبر منهج علمى شرعى متكامل انطلق العشرات من أصحاب الجلالبيب البيضاء القصيرة واللحى المطلقة، إلى السيطرة على المساجد فى مختلف المحافظات، واعتلوا المنابر فى خطب الجمعة، ونظموا حلقات الدروس والسلاسل العلمية بعد صلاة العصر أو العشاء، وفى سنوات قليلة كانت آلاف المساجد والزوايا تخضع لهيئتهم وتصدح بأفكارهم.
لم ينشغلوا إطلاقاً بالعمل السياسى، واعتبروا أن الحزبية والمجالس النيابية والصراعات السياسية أمور حقيقية موجبة لغضب الله تعالى ومخالفة صريحة لسنة نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، فسلموا من الأذى، وتمكنوا من اختراق المجتمع، ولقوا قبولًا شعبيًا وجماهيريًا واسعاً.
ومنذ هذه البداية وحتى انطلاق ثورة 25 يناير 2011، كانت الدعوة السلفية بالإسكندرية بمنأى عن المشهد السياسى ورافضة لانخراط شيوخها وشبابها فى المظاهرات باعتبارها خروجاً عن طاعة الحاكم، وباباً للفتن والشبهات، ولكن الأحداث فرضت نفسها، حينما نجح عماد عبدالغفور فى إقناع شيوخ الدعوة بتأسيس حزب سياسى، فخرج حزب «النور» إلى الحياة حاملًا مشايخ الدعوة من المنابر إلى مساحات العمل السياسى، لتحقيق مفاجأة مدوية فى انتخابات 2011، حينما نجح فى حصد 123 مقعدًا بنسبة تقارب 25٪ من إجمالى المقاعد، فى إطار تحالف الكتلة الإسلامية الذى ضم إلى جانب النور حزبى الأصالة والبناء والتنمية، فى مشهد أربك جميع الحسابات السياسية حول طبيعة هذه القوى الصاعدة.
وأمام ضعف الخبرات السياسية، والخلط بين العمل الدعوى ممثلًا فى الدعوة السلفية، والعمل الحزبى ممثلًا فى حزب النور، انفجرت الصراعات الداخلية، وتمثلت فى انقسام الحزب إلى جناحين، وتبادل الطرفين قرارات الفصل، ورغم محاولات إنهاء الأزمة من جانب مجلس أمناء الدعوة، إلا أنها فشلت وانتهت بانشقاق عماد عبدالغفور وإعلانه تأسيس حزب «الوطن».
الصراعات والانشقاقات كانت البداية لمسار الهبوط الذى جاء سريعًا كما كان الصعود سريعاً، حيث حاصرت المشاكل الحزب، التى صاحبتها معركة أخرى خفية داخل الدعوة السلفية ذاتها، حيث أسفرت انتخابات مجلس أمناء الدعوة عن الإطاحة بعدد من رموزها المؤسسين، مثل محمد إسماعيل المقدم وسعيد عبدالعظيم وأحمد حطيبة وأحمد فريد.
كما شهد الحزب العديد من الفضائح، مثل قضية النائب أنور البلكيمى، والذى ضبط مؤخراً لهروبه من ثلاثة أحكام قضائية فى قضايا شيكات وإيصالات أمانة وتبديد، كما تفجرت القضية الشهيرة بالنائب على ونيس التى قضت محكمة النقض فى مارس الماضى بتأييد حبسه 3 شهور فى قضية فعل فاضح.
كما ضبط أمين عام الحزب بمحافظة الغربية فى قضية التورط فى إقامة علاقات جنسية مع عدد من الفتيات وتصويرهن، وهو الذى تكرر مع مرشح له آخر فى دائرة فايد بالإسماعيلية فى انتخابات 2015، بالإضافة إلى ثبوت تناول أحد مرشحين لعقار الترامادول.
وفى إطار آخر، أيد الحزب استمرار محمد مرسى خلال التظاهرات الداعية لإسقاطه، ولكنه تراجع عن موقفه فى أعقاب ثورة 30 يونية، وأعلن دعمه لخارطة الطريق وعزل مرسى.
وكما كان الصعود السريع مفاجئاً، كان الهبوط القاسى أكثر مفاجأة، حيث حصل الحزب فى انتخابات مجلس النواب فى انتخابات 2015 على 12 مقعدًا فقط، فى نتيجة تعكس انهياراً ضخماً فى شعبيته وسط قواعده وأنصاره والداعمين، خاصة أن اتجاهاً كبيراً ساد وسط القواعد حول ضرورة اعتزال العمل السياسى الذى أضر بالدعوة السلفية وبصورتها، والعودة إلى العمل الدعوى، بعد أن فقد الحزب دوره وتأثيره فى المشهد السياسى، وهو المبرر الشرعى الذى ساقه قيادات الحزب والدعوة لتبرير
الخروج عن الخط الفكرى والعقائدى للدعوة السلفية بعدم الانخراط فى الحياة السياسية أو المشاركة فى الانتخابات والمجالس النيابية.
وتشير المؤشرات إلى أن عدداً كبيراً من قيادات الحزب قد بات خارج المشهد، وعلى رأسهم عبدالمنعم الشحات وبسام الزرقا، وشعبان عبدالعليم ونادر بكار وطارق السهرى، وامتد الأمر إلى أداء نوابه فى مجلس النواب الذين اكتفوا بالدور الخدمى، بعد أن فقدوا تأثيرهم على مسار الأحداث داخل المجلس، واكتفى الحزب من خلال نوابه بإعلان رفضه لعدد من القوانين أهمها قانون إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون الخدمة المدنية، وقانون الطفل، وقانون بناء الكنائس، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون تجريم ختان الإناث، ورغم ذلك صوّت الحزب على تأييد بيان الحكومة فى مارس 2016.
كما شهد الحزب أيضًا أزمتين سياسيتين أثرتا كثيرًا على موقف القواعد من قياداته، كانت الأزمة الأولى لقاء نادر بكار، المتحدث الإعلامى مع تسيبى ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة فى جامعة هارفارد بأمريكا، وهو ما سبب صدمة قاسية ومؤلمة لدى القواعد التى قربت عقائديًا على العداء لليهود والصهيونية، وحلمت بتحرير الأقصى فى حلقات الدروس وأدعية شيوخهم.
ثم جاءت موافقة الحزب على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المعروفة بأزمة تيران وصنافير، لتزيد من الهوة بين القواعد والقيادات.
ورغم جهود قيادات الحزب فى العمل على رأب الصدع، فإن المؤشرات تشير إلى تفاقم الخلافات وتصاعدها، لا سيما أن انتخابات رئيس الحزب والهيئة العليا التى جرت فى أبريل الماضى عمقت من حدة الأزمة، وزادت هوة الخلافات، وكرست للانشقاقات، والتى وصلت إلى ساحات المحاكم.. وتبقى جميع الاحتمالات مطروحة فى أفق المستقبل.. ومعها يبقى التساؤل هل كان خروج الدعوة السلفية من منابر الدعوة وحلقات الدروس إلى مساحات العمل السياسى وتوازناته ومواءماته أمراً يتفق ومناهج التربية والعقيدة التى عاشت عليها الدعوة وقواعدها؟ سؤال سوف تجيب عنه الأيام المقبلة.

الجبهة السلفية.. السقوط فى عباءة الإخوان

 

تشكل الجبهة السلفية نموذجاً للتخبط السلفى، سواء فيما يتعلق بالرؤية الفكرية أو المنهج الحركى، من خلال اقترابها من أطروحات سيد قطب ورموز التشدد، ومواقفها العدائية والمتشددة
تجاه مفهوم المشاركة السياسية، أو من خلال انخراطها تنظيمياً فى صفوف الإخوان المسلمين، باعتبارها إحدى القوى الرئيسية لما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية، فى الوقت الذى ينتمى فيه قياداتها لأحزاب محسوبة بوضوح على التيار السلفى كحزبى الفضيلة والشعب.
وتصف الجبهة السلفية نفسها بأنها «جماعة ضغط» تضم عدة تكتلات دعوية سلفية من محافظات مختلفة وعدة رموز مستقلة من نفس الاتجاه، تأسست فى خضم أحداث ثورة يناير، لتكون سورًا يحيط بعموم التيار السلفى الرافض لطغيان الأنظمة العلمانية.
ويعد من أبرز مرجعياتها الفكرية الشيخ الراحل رفاعى سرور، وحازم أبوإسماعيل والشيخ محمد عبدالمقصود والشيخ هشام عقدة
وتكن الجبهة السلفية عداءً شديداً للدعوة السلفية بالإسكندرية وتصفها بالدعوة البرهامية، فى إشارة واضحة لهيمنة ياسر برهامى عليها، حيث تتهمها باتخاذ موقف مضاد لثورة 25 يناير، وإصدارها البيانات المانعة من المشاركة، وحماية شبابها لمقرات أمن الدولة من غضبة الثوار عند اقتحامها، والوقوف مع المجلس العسكرى، ورفض ترشح حازم أبوإسماعيل للرئاسة، ودعمهم للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، الأكثر ليبرالية والأبعد عن المفهوم السلفى، وانحياز حزبها إلى جبهة الإنقاذ.
وتعتبر الجبهة ثورة 30 يونيو انقلاباً، مشيرة إلى أنها شاركت فى اعتصامى رابعة والنهضة، وفى كل الفعاليات الثورية المناهضة للثورة، بينما كانت الدعوة السلفية عبر حزبها السياسى «النور» أحد مكونات الانقلاب، مع قادة العسكر وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة وقادة العصابات العلمانية واليسارية.
ولا تنكر الجبهة ارتباطها بالتيار القطبى وتعتبران جمهور التيار الجهادى منذ نشأته سلفيًا على مستوى التأصيل، غير أنه انحاز إلى خيار التغيير المسلح ضد طغيان الحكومات العلمانية المعادية للشريعة.
وأنه كان له، تاريخياً، دور رائد فى نشر العقيدة السلفية، وفى مواجهة الفكر التكفيرى المنحرف، وتؤكد أنها باعتبارها كياناً سلفياً ثورياً، تتلاقى مع التيار الجهادى فى أكثر من مشترك.
وفيما يتعلق بالعمل السياسى، ترى الجبهة السلفية أن المنع من المشاركة تحت مظلة العلمانية هو الأصل، وأن المشاركة فى هذه الحال استثناء دعت إليه الحاجة.
ومن أبرز قياداتها خالد سعيد، المتحدث الرسمى باسمها، عضو الهيئة العليا لحزب الفضيلة وأحد مؤسسيه سابقاً، ومصطفى البدرى، منسق تحالف دعم الشرعية بتركيا، وأحمد مولانا، المتحدث باسم حزب الشعب.
ويصفها عبدالمنعم الشحات، أحد قيادات الدعوة السلفية، بأنها الجبهة القطبية وليست الجبهة السلفية، ولا تقبل من السلفية إلا من كان «قطبى الهوى» ويعتبرها جزءاً من التيار القطبى يسعى لتسويق نفسه تحت مسمى السلفية.
وأن دعوتها لما سمته بـ«الثورة الإسلامية»، تؤدى لإراقة دماء الشباب ودماء قوات الجيش والشرطة، وكلها دماء معصومة.
 

3 شيوخ .. ومصائر متضاربة 

 الشيخ أبو إسحاق الحوينى ومحمد حسان ومحمد عبد المقصود

«الحوينى».. فضيلة الصمت
 
يتمتع الشيخ أبوإسحاق الحوينى بشعبية طاغية وسط جموع التيار السلفى، ويعد الرمز الأهم والأكبر بين دعاة السلفية العلمية المستقلة عن السلفية العلمية بالإسكندرية، ويوصف بالعلامة المحدث لتخصصه فى علوم الحديث.
والتزم «الحوينى» الصمت خلال أحداث ثورة 25 يناير، قبل أن يعلن موقفه فى منتصف مارس خلال درس له فى مسجد العزيز بالله بالزيتون، والذى عبَّر فيه بوضوح عن استنكاره للثورة وأحداثها، باعتبارها أحداث فتنة واجتماعاً للرعاع، مشيراً إلى أنه اختار الصمت؛ حتى لا يُقال عنه إنه «خائن وعميل» لمجرد الاجتهاد السياسى، وينعكس هذا القول عندما أبلغ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فابتعدت حفاظاً على وجودى الدعوى لاحقاً كوظيفة أساسية لى، مضيفاً أنه «انقبض» بعد ثلاثة أشهر من اندلاع ثورة يناير.
وفى أعقاب ثورة 30 يونيو، انتقد «الحوينى» جماعة الإخوان المسلمين فى فيديو على صفحته الرسمية، قائلاً «كأن الله أراد أن يقول للمتشوقين والذين يحلمون بإقامة الإسلام، إدنهالكم سنة.. ما نفعتوش، نسلبها منكم، لتتربوا وترجعوا، وتعرفوا أن التمكين لا يكون إلا بالعبودية.. لو صرتم عباداً لله، مكنكم حتى بلا أسباب... كلامى لن يعجب المتحمسين، وسيقول بعض الناس متخاذل، ولكن عندما تنكشف الفتن، سيعلم الناس من كان صاحب بصيرة، ومن كان أعمى».
 وكان «الحوينى» قد دعا فى 3 يوليو أنصار الإخوان إلى العودة إلى منازلهم حقناً للدماء، مشيراً فى فتوى له على صفحته الرسمية «كنت أفتيت بالنزول المشروط بعدم تحقق المفسدة والآن رأيت أنه تحققت المفسدة فعلاً، وأن الفتنة أطلت برأسها، فيجب على الجميع عدم المشاركة فيها واعتزالها».
ولم يسلم «الحوينى» من الانتقادات؛ حيث هاجمه الداعية الجزائرى السلفى المدخلى قائلاً «أما الشيخ أبى إسحاق الحوينى فأنا أخشاه على مصر، كما كنت أخشى على أهل بلدنا الجزائر «على بلحاج»، يتبع نفس المنهج فى الإثارة والدغدغة بالعواطف، وكثرة التهييج السياسى، هذا يظهر فى الخطب أكثر منه فى الدروس والمحاضرات.
«حسان».. جزاء سنمار
بعد سقوط حكم مرسى، تعرض للعديد من الحملات الهجومية الإعلامية من قبل الإخوان المسلمين وحلفائهم الذين اتهموه بأنه «باع دينه» لصالح الدولة، واتهمته آيات العرابى بأنه «خائن لله ورسوله».
حيث يوضع الشيخ محمد حسان الذى ينتمى إلى المدرسة السلفية العلمية، ويعد أحد أبرز رموزها المستقلين عن السلفية العلمية بالإسكندرية، فى خانة الدعاة السلفيين الذين تخلوا عن محمد مرسى والإخوان بعد ثورة 30 يونيه، لصالح علاقته بالدولة، خصوصاً بعد روايته لأحداث وساطته حول فض اعتصام رابعة عبر قناة «الرحمة»، للمصالحة بين الإخوان والدولة هو والدكتور جمال المراكبى، وعبدالله شاكر، قائلاً «خرجنا للمصالحة حقناً للدماء وحفظاً للدعوة وحفظاً لشبابنا ولبلدنا وحتى لا يدخل أبناء التيار الإسلامى فى صراع مع الجيش والشرطة لا يستفيدوا منه إلا اليهود المتربصون بنا وبأمتنا، فالغنيمة الكبرى لهم هى مصر، وإذا سقطت مصر ستسقط الأمة كلها».. فكان جزاؤه جزاء سنمار.
وهى شهادة تُحمِّل الإخوان ضمناً مسئولية فشل هذه الوساطة، وإدخال البلاد فى الفتنة، والصراع الداخلى، وانعكاسات ذلك سلباً على المشروع الإسلامى برمته، دفعته إلى اتهام جماعة الإخوان وحلفائهم وكل من يشوهون أهل العلم بأنهم «ينفذون مخططاً خطيراً لإسقاط الدين».
وظهر دوره فى المشهد العام فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، ومشاركته مع شيوخ السلفيين فى تهدئة الأحداث بين المسلمين والأقباط بأطفيح فى 2011، بعد هدم إحدى الكنائس، وإطلاقه حملة المعونة المصرية لتكون بديلاً عن المعونة الأمريكية، وأثار ذلك جدلاً واسعاً حولها، خاصة بعد إعلانه جمعه مبلغ 60 مليون جنيه، كما ساند دعوة تأسيس حزب الفضيلة.
انضم لمجلس شورى العلماء، وإلى الهيئة الشرعية للحقوق، مع كبار رموز السلفيين والإخوان فى مصر، وأيد انتخاب محمد مرسى، ولكنه لم يشارك فى اعتصامى الإخوان فى رابعة والنهضة، وإن كان ظهر فى يوم فض الاعتصام بمظاهرات الإخوان بميدان مصطفى محمود مع الشيخ محمد حسين يعقوب.
ويرى «حسان»، أن أول حلول الأزمة الدائرة الآن بين الدولة والمجتمع من جهة، وبين الإخوان من جهة أخرى، هو دفع «الدية» عن كل من سالت دماؤه، وراح ضحية هذا الصراع، من أجل إطفاء النار المتأججة بينهما.
وأدان «حسان» أحداث الكنيسة البطرسية بالعباسية، وتفجيرى كنيستى طنطا والإسكندرية، مشيراً إلى حرمة دماء الذميين، وأن إشعال نار الفتنة الطائفية لإسقاط مصر خيانة عظمى.
وشنَّ حملة شديدة على إسلام بحيرى وآرائه حول كتب الأئمة البخارى ومسلم والشافعى، وقال «لم يفلح على مر التاريخ من حارب الله ورسوله».
ومع ذلك شنَّ عليه محمود لطفى عامر، رئيس جمعية أنصار السنة بدمنهور، وأحد رموز السلفية المدخلية فى مصر هجوماً حاداً بتهمة دعم فكر سيد قطب والإخوان المسلمين والمدرسة السلفية بالإسكندرية والجهاد، داعياً إياه إلى مراجعة أخطائه والاعتراف بها.

«عبدالمقصود».. من الاعتدال إلى التكفير
يمثل الشيخ محمد عبدالمقصود، أحد صقور التيار السلفى، وهو أحد المؤسسين للسلفية الحركية فى مصر، التى نشأت فى منطقة شبرا بالقاهرة فى بداية التسعينيات، بالتزامن مع نشأة الدعوة السلفية العلمية بالإسكندرية، وتعتبر السلفية الحركية تياراً غير منظم، لا يختلف فى الكثير عن السلفية العلمية إلا فيما يتعلق بتكفيرهم الحاكم، وحُرمة المشاركة فى المجالس النيابية، بل ويعتبر «عبدالمقصود» رموز الدعوة السلفية العلمية بالإسكندرية معلميه ونموذجه الأول.
وكان أبرز المشاركين من دعاة السلفية فى مظاهرات ثورة 25 يناير بميدان التحرير، وألقى العديد من الخطب من فوق منصات السلفيين، وشارك فى تأسيس «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» فى 5 يوليو 2011، والتى ضمت عدداً من شيوخ الدعوة السلفية والإخوان المسلمين، كما ساند تأسيس حزب الفضيلة الذى تولاه أخوه اللواء عادل عفيفى عبدالمقصود.
وساند ترشيح محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، وفى أعقاب ثورة 30 يونيه، شارك فى اعتصام رابعة العدوية، وكان أحد المتحدثين الدائمين على منصة الاعتصام، ووصف المشاركين فى الثورة بالمنافقين والكافرين.
اتسمت مواقفه بالحدة والعدائية تجاه المخالفين معه فى الرأى، حيث وصف عبدالمنعم أبوالفتوح بأنه ليبرالى صباحاً وإسلامى ليلاً، خلال معركة انتخابات الرئاسة، وشنَّ هجوماً شرساً على حزب النور، ووصف أعضاءه والمنتمين للدعوة السلفية بـ«منافقين برهاميين لا سلفيين» وأنهم عملاء لأمن الدولة.
وبعد فض الاعتصام هرب إلى تركيا، وانضم إلى «تحالف دعم الشرعية»، وواصل خطاباته التحريضية على الدولة، واستغل المنابر الإعلامية فى الهجوم على شيوخ الدعوة السلفية بالإسكندرية، مشيراً فى أحد البرامج إلى أن الشيخ محمد عبدالفتاح بن إدريس قيم الدعوة، كان يتحين الفرصة أثناء فترة الجامعة للدخول إلى مصلى النساء للاطلاع على وجوه الأخوات على حين غفلة منهن.
واعتبر حزب «النور» المحلل فيما سماه «المصائب التى مرت بالحركة السلفية»، مؤكداً أنه حذر منه مراراً وتكراراً باعتباره عميلاً لأمن الدولة، كان يبلغ عن المخالفين لرأيه بأنهم «قطبيون» أو «تكفيريون».
وفى المقابل، ترى الدعوة السلفية، أن محمد عبدالمقصود ظل داعماً لشيوخ الدعوة قبل الثورة وبعدها، إلى أن حدثت أزمة الخلاف بين الدعوة السلفية وجماعة الإخوان؛ لرفض الدعوة المشاركة فى اعتصام رابعة العدوية، مشيرين إلى التناقض الذى وقع فيه برفضه ترشيح حازم أبوإسماعيل للرئاسة لتهاونه فى أمر الدماء، وإصراره على الترشح ولو أدى ذلك لإراقة دماء الأبرياء، فى الوقت الذى أصبح فيه الآن أحد المحرضين على العنف.
ومنذ هروبه إلى تركيا، لم تتوقف تصريحاته المحرضة على العنف، مشيراً إلى أن الهدف منه هو إرهاب الدولة ورجال الجيش والشرطة من خلال تهديدهم أو حرق سياراتهم أو بيوتهم من باب الردع، معتبراً أن إحراق سيارات الشرطة يدخل فى إطار السلمية.
كما أجاب فى إحدى فتاويه لسائل عن مدى جواز إجابته لدعوة أحد أقربائه على إفطار فى رمضان، وهو من مؤيدى «السيسى»، فقال «لا تذهب إليهم ولا تأكل عندهم حتى ولو كانوا أقاربك فهؤلاء ليسوا من أهلك إنه عمل غير صالح».
 وفى فتوى أخرى حول الصلاة خلف أئمة الأوقاف والأئمة من حزب النور قال «اتخذوا بيوتكم قبلة ولا تصلوا وراء هؤلاء المنافقين».
يذكر أن الشيخ محمد عبدالمقصود قد صدر بحقه حكم غيابى بالإعدام فى قضية قطع طريق قليوب.