عددالزائرين الان

السبت، 1 ديسمبر 2012

الإيكونوميست :مصر على حافة الهاوية..والرئيس يدمر الديمقراطية بالإعلان الدستوري

أجمعت الصحف العالمية على أن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي يدمر ديمقراطية البلاد، ويقودها إلى مسار كارثي.

 نشرت صحيفة الفاينينشال تايمز البريطانية اليوم السبت تحليلا يتناول الوضع في مصر بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي وإلى أي مدى أضر بصورته لدى المصريين، وترى الصحيفة أن مرسي بإعلانه الدستوري حصن قراراته مؤقتا من الطعن القضائي وأثار غضب القضاة والمعارضة.
واعتبرت الصحيفة أن الرئيس "الإسلامي" الذي وعد بأن يكون رئيسا لجميع المصريين لم يعمق فقط الانقسامات السياسية في مجتمع يعاني من مصاعب عديدة تخلص للتو من عقود من الحكم الاستبدادي، لكنه أيضا أضر بمصداقيته التي كان حريصا على بنائها.
ورأت الصحيفة أن قرار مرسي صب في صالح المشككين الذين رأوا أن خلفيته جعلته أقرب إلى الحكم الاستبدادي منه إلى الديمقراطية.
وقالت الصحيفة  إن سلوك مرسي هو أيضا نتيجة للعجز عن مواجهة ضغوط سائدة بل ومتضاربة أحيانا خلال فترة الانتقال السياسي، مشيرة إلى أنه اضطر لمواجهة تحديين اثنين يتمثلان في إثبات أنه سيد قراره خلال محاولة انتشال مصر من الفوضى التي تضربها بعد ثورة 25 يناير.

وأصدر الرئيس محمد مرسي إعلانا دستوريا قبل ثمانية أيام حصن قراراته وقوانين أصدرها وجمعية كتابة الدستور التي يغلب عليها الاسلاميون ومجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين من رقابة القضاء. وقال مرسي إن الإعلان الدستوري الذي أشعل أكبر أزمة سياسية في مصر منذ انتخابه في يونيو حزيران هو "لمرحلة استثنائية جدا".
وتعتبر الصحيفة أن صورة مرسي تلقت صفعة قوية الآن ربما لا يمكن علاجها بعد الإعلان الدستوري، مشيرة إلى أن مرسي لم يفعل شيئا لبناء إجماع وطني قبل إصدار قراره، حتى إن مستشاريه ووزيره للعدل كانوا مندهشين، وإن مرسي أساء قراءة قوة المعارضة وعمق الارتباط بسيادة القانون.
واعتبرت أن الرئيس الإسلامي الذي بدأ يشكل صورته كزعيم وطني أصبح شخصية مثيرة للجدل ذات أجندة حزبية، ليطيح بكثير من المصداقية والثقة التي كان حظي بها خلال الأشهر الأخيرة.
ووصفت مجلة الإيكونوميست البريطانية فى عددها الأخير حالة مصر الآن بأنها "على حافة الهاوية"، وأن الرئيس محمد مرسى بالإعلان الدستورى الأخير يدمر "ديمقراطية بلاده".
وشهدت مصر منذ صدور الإعلان الدستوري عدد من التظاهرات في محافظات مختلفة، وشارك عشرات الألوف من المصريين في مظاهرات في البلاد يوم الثلاثاء دعت لها قيادات المعارضة ضد الإعلان الدستوري. وقتل شخصان وأصيب المئات، مما عمق الانقسام بين الإسلاميين الذين صعدوا إلى السلطة حديثا ومعارضيهم.
وقالت المجلة إن الكثيرين من المصريين يشعرون الآن بالندم لأنهم لم يستمعوا إلى الدكتور محمد البرادعى عندما حذر فى الشتاء الماضى من انتخاب رئيس قبل تحديد صلاحياته فى الدستور الجديد.
وأضافت المجلة أن الرئيس مرسى صدم مواطنيه عندما أصدر إعلانا دستوريا يمنحه صلاحيات واسعة بما فى ذلك تحصين قراراته ضد المراجعة القضائية، ثم أمر الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور الجديد للبلاد بضغط عمل شهر فى يوم واحد لإخراج مشروع الدستور فى نهاية نوفمبر، حتى يتسنى عرضه على الشعب المصرى للاستفتاء فى منتصف ديسمبر القادم، هذا فى الوقت الذى تجتاح فيه شوارع مصر مظاهرات واحتجاجات غاضبة لم تشهدها البلاد منذ ثورة يناير فى العام الماضى، بالإضافة إلى إضراب القضاة.
وأشارت الإيكونوميست إلى أنها تتفهم إحباط مرسى من المحاكم، حيث إن" قضاة مصر تدخلوا بفظاظة عدة مرات لوقف عمل مؤسسات ديمقراطية منتخبة، حيث تم حل البرلمان المنتخب لأسباب فنية تتعلق بقانون الانتخاب، ويقع مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور تحت نفس التهديد الآن"، مشيرة أيضا إلى أن هذه الحجج تتوارى تحت الاندفاع الكارثى لإقرار الدستور الذى يريده بأى ثمن، حتى إن أعلن مرسى أنه سيسقط سلطاته الجديدة عندما يتم إقرار الدستور الجديد، فهذا غير كاف لتحسين موقفه.
وعلق القضاة العمل في كثير من المحاكم والنيابات قبل أيام احتجاجا على الإعلان الدستوري، وأوصت الجمعية العمومية لنادي قضاة مجلس الدولة الذي يضم محاكم القضاء الإداري بتعليق العمل لحين سحب الإعلان الدستوري، و بشطب مستشار قانوني لمرسي وقضاة يؤيدون الإعلان الدستوري من عضوية النادي.
واعتبرت الإيكونوميست أن مرسى بإعلانه نفسه فوق أى قانون، أثار احتمال عودة شبح الديكتاتورية، بعد إنهاء حكم مبارك آخر ديكتاتور بعد أن حكم مصر اعتمادا على سلطات الطوارئ لمدة ثلاثين عاما.
ورأت المجلة أنه من الافضل أن يتراجع مرسى عن هذا المسار الكارثى، على الأقل لإنقاذ ما تبقى من شرعيته، وضمان أن يكون الاستفتاء القادم على الدستور حرا ونزيها، مشيرة إلى أن عليه أن يختار أن يدخل التاريخ إما كزعيم قاد مصر نحو الاستقرار، أو باعتباره الرجل الذى أنهى فرصها فى مستقبل كريم، وحتى الآن يبدو كما لو كان اختار العار.
ووصف الكاتب روجر كوهين في تعليقه على "الخطأ الكبير" الذى وقع فيه الرئيس محمد مرسى بإصداره إعلانا دستوريا يوسع سلطاته بأنه "أسوأ من الجريمة الخطأ".
وتابع كوهين فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز أمس الأول، "وصف الرئيس مرسى قراراته بالمؤقتة، لكن هذه الكلمة لا تتمتع بالمصداقية فى بلد استمرت فيه قوانين الطوارئ لعقود".
وفيما يتعلق بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور، كتب كوهين "لا يمكن أن يمرر دستور لأكبر دولة عربية عبر جمعية تأسيسية فقدت ما يصل لربع أعضائها الليبراليين وغدت هيئة بلا مصداقية تهيمن عليها الأحزاب الإسلامية".
وأضاف كوهين، "سيحسن مرسى ومعارضوه الليبراليون الصنيع إذا استعادوا كلمات بنيامين فرانكلين لدى سؤاله عن أى نظام سياسى اتفق عليه فى الاجتماع التأسيسى؟، فرد: الجمهورية، إذا استطعتم الحفاظ عليها".
وأوضح كوهين أن الحفاظ على الحرية المصرية المكتشفة حديثا يحتاج للشجاعة والتوافق. مشيرا إلى أن على مرسى أن يصحح خطأه، وعلى أوباما أن يعمل من خلف الستار لتحقيق ذلك، ولابد أن يتوحد الليبراليون ويقبلون بالحوار.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند إن الولايات المتحدة تريد أن ترى دستورا في مصر يفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان ويوفر الحماية لجميع الفئات، وأن يضم مجموعة من الضمانات القضائية كما يفي بالمعايير القضائية الدولية.
وأوضح أن "إعادة وثيقة بأهمية الدستور للمسار الصحيح ليست خيارا، يجب أن يتغلب مرسى على شكوكه والهاجس التآمرى التى خلقه طول فترة بقاء جماعته فى السجون، لتدشين جمعية تأسيسية تضم معارضيه الليبراليين الذين يقع على عاتقهم التعبير عن الوطنية من خلال البراجماتية كما يفعل الجمهوريون فى الكونجرس الأمريكى".
وختم كوهين مقاله قائلا "يجب الحفاظ على مصر الحرة والتى ستكون قلب التغيير فى إقليم يحتاج لفكر جديد".
المصدر: رويترز