عددالزائرين الان

السبت، 10 مايو 2014

نحن لا نزرع الليمون

نحن المصريون لا نزرع الليمون , ولد معنا .. ترعرع فينا ولذعنا عصيره الحامض
قد تعتبره نوعا من الغريزة البشرية الطبيعية في انتقاء اقل الخيارات ضررا وان ليس بالإمكان أبدع مما كان وليست  كل الأماني ممكنه.


منذ يناير من العام 2011 ونحن غارقون في أمواج من عصير الليمون , الخوف من المجهول , الخوف من ضياع كل شيء وان تتحول مصر الموحدة كما نعرفها لمجرد ذكري.
الخيارات المتاحة دفعتنا إليه دفعا , لم نختر شيئا في الواقع , كل المعسكرات فعلت ذلك , منذ رفض ابتزاز يناير لقبول اقل الخسائر باستمرار حكومة شفيق بعد التنحي ثم محاولة اثبات الوجود في  استفتاء مارس حتى لو كان ذلك معناه الاصطفاف مع العدو " الإخوان " في خندق ال "نعم " , ثم عصرنا ليمونا مرة اخري عندما أُلقى بنتيجة الاستفتاء عرض الحائط في اعلان دستوري يرسخ وضعا غير قانوني لكل ما تلاه من إجراءات هي والعدم سواء

اختياراتنا كانت ليمونا في ليمون ,وكأنه مسار مرسوم من بدايته للنهاية لنحرق خلاله الكثير , منحت صوتي في انتخابات الشعب والشورى لمن ظننت انه يرفض يناير بصرف النظر عن اقتناعي به من عدمه , رفضت الخطاب التصالحي للفريق شفيق مع تيار اعتبره جزء من الجريمة , لكن عصرت ليمونا ومنحته صوتي  وحشدت له بكل قواي , لإيماني العميق بقدرته على إعادة الدولة المصرية على المسار الصحيح وانه خير تلميذ لأعظم أستاذ
 تحجج البعض بالعصر الجديد والحسابات الجديدة وان الرئيس مبارك نفسه تفهم مطالب الشباب وتعهد بتحقيقها بالطريقة المثلي , قد يُفهم ذلك من منظور اب يحمي أبناءه من أنفسهم , لكني في الحقيقة لا احمل لهذا الشباب سوي الازدراء وكثير من الاحتقار , ولا أجد لهم مكانا الا على المشانق او في اقل تقدير غياهب السجون , ولا مجال لأي حجة بلهاء من طراز " مكناش نعرف " لأن المعلومة ووسائل الحصول عليها متاحة عند أطراف

أصابعهم , لكن الاستسهال والتعالي والكبر كانا أكبر من اي شيء.بالعودة لعصور ما قبل الليمون , ومع مطلع الالفية الجديدة صُدم المجتمع بعصر جديد وبمصر جديدة شهدت البلاد في هذه الفترة نموا غير مسبوق في جميع المجالات (ولن اضيع وقتي في جدليه افقار مصر التي يحلو للبلهاء تكرارها ) وكطبيعة أي تطوير كانت هناك بعض المقاومة للتغير , تغيير افكار اعتبرها البعض رواسخ كالجبال , ولم نرث منها الا هزيمة تلو نكسة , كانت هناك محاولات للتأقلم مع هذا التغيير والبعض الاخر حاول محاربته والأخر السطو والركوب على موجتهالاتاحة الضخمة لمصادر المعلومات فتحت ابواب الاحتمالات على مصرعيها وخلقت واقعا جديدا حاول الكثيرون ان يجدوا لأنفسهم فيه موضع قدم ,ومع  الطبيعة المعتادة  في الركض وراء اللامعلومة المثيرة بدلا من الحقيقة كان هناك اعلام بديل يتشكل , يعمل على خلق تاريخ بديل في ظل الفوضى المعلوماتية والكسل في البحث عن المعلومة الموثقة, ومع نمو هذه الكيانات الفكرية البديلة كان النهم لمزيد من المعلومات , كان الركض نحو قانون للمعلومات لفتح خزائن الدولة لفك طلاسمها -لا رغبه في شفافية مزعومة- ومع محاولات الانفتاح السياسي بشكل غير تقليدي ,كان هناك توجه من البعض لخلق كيانات سياسية بديلة , مجلس شعب وشوري وحكومة موازية , , ليس لتصل للسلطة بطريق ديموقراطي(والتي اثبتت الاحداث بعد يناير عجزها عن ذلك ) ولكن كل ذلك  لهدف وحيد , خلق الكيانات الموازية البديلة (بكل شبكاتها الداخلية والخارجية) التي تدعي القدرة على أداء مهام الدولة ومؤسساتها وتصوير الكيان الحكومي في بعض اجهزته لعبء علي الدولة او علي بعض اجهزته-والتي تحاول تعويض النقص كما تدعي-  يجب الخلاص منه او على الأقل التخفيف من مسئولياته وان افراده -وليس حتي مجرد قادة هذه المؤسسات- لا تمتلك الخبرة او الموهبة , فاشلة تماما عكس اقارنهم في الكيانات البديلة / المؤسسات الاخري .وليتحقق الانتقال من الكيان الرسمي للكيانات الموازية كان لا بد من ضرب هذه المؤسسات , كان لا بد من ينايرقيل انه صراع الأجهزة , محاولات بسط النفوذ بالتعاون مع الكيانات السياسية الساذجة والبلهاء من شباب أحمق وجاهل ومحاولات اخري من كيانات إقليمية ودولية في حصد النتائجقيل ان منهم عاملين سابقين في أجهزة الدولة المختلفة , قيل ان من بينهم مشتاقين وجدوا الفرصة ,  وربما بالتعاون مع حلفاء لهم في هذه الأجهزة مع كيانات اخري ,تلك الأجهزة التي عجزت / فشلت في تقييم / مواجهة / او تغاضت عن مواجهة جريمة يناير  لاستفادة شخصية او استفادة لمجموعتها في مؤسستها , او تأجيلا لمعركة لحين الاستعداد ومن ثم الهجوم المضاد الكاسح.كانت  هذه الكيانات البديلة على اختلاف أهدافها تعمل على الترويج  لفكرة "جهل وحقارة وانانية وانعدام إنسانية بل وانعدام تحضر الشعب المصري" والحط من قدره وقدراته وتقسيمه بين شباب وعواجيز , مؤمن وكافر , فلولا وثوار ثم تفتيته لمجموعات متصارعة وترسيخ الصورة الذهنية عن المصريين كمجموعة من الهمج يسيطر عليهم مجموعة من معدومي الموهبة بنظام أقرب للشكل القبلي  والعشائري , بشكل يختلف كثيرا عن طبيعة هذا المجتمع وتكوين عائلاته وطبيعة علاقتها بالدولة  الذي هو بالاساس الظهير الشعبي القوي للمؤسسات وحاميها الحقيقي ضد محاولاتهم للاختراق وكأن الكيانات البديلة كانت تبحث عن ظهير شعبي ولو مصنوع لترسخ وجودها واقدامها كلاعب صاحب سطوة ونفوذ ولديه القدرة علي المساومة وفرض الشروط وله الحق في الحصول علي جزء من الجائزة الكبرىلم يأخذوا في الحسبان ان الدولة المصرية بحجمها الكبير وعلاقاتها المتشعبة تحتاج كأي جسم كبير لقوة كبيرة لتستطيع تحريكه ناهيك عن تغيريه, مع الأخذ في الاعتبار ان لكل فعل منهم رد فعل يُفترض ان يكون محسوبافشلوا في المعركة تلوا المعركة , حُرقت الكيانات وتكتيكاتها , بعد ان كان العرض ان يكونوا بديلا , حاولوا ان يكونوا مجرد مطبلين مقابل القليل من النفوذ ووصل الحال ببعضهم لمجرد العرض بأنهم إذا كانوا غير قادرين على النفع فعلي الأقل تتقي الدولة شرورهم بخروج امنحتى ان فوضي الأكاذيب والتسريبات جعلت المتلقي لا يثق فيما يقال إعلاميا والتي عملت  على تقنين الوضع الحالي من تسريب المعلومات لحماية الدولة المصرية وأدت  الي فرز ضخم للمتصارعين في الساحة بين طامع ومشتاق , فضح الجاهل والمدعي , وكذلك صقل مهارات الوطني الراغب حقا في بناء وطنه , بل وتعمل على تحييده الي ان يحين موعد المعركة الحقيقية للبناءقد يقول البعض ان التطور الفجائي والضخم في العشر سنوات الأخيرة من عهد الرئيس مبارك , سابقة لتطور المجتمع المصري نفسه , الا ان السنين الأخيرة عملت على تصفية الكثيرين ممن لم يكونوا يستحقوا الصعود  , ربما تكون هذه احدي ميزات قرار تخلي الرئيس مبارك عن الحكم في وقت توقع أعداءه الضغط للحصول على مكاسب , كما كانت حسنته الأخرى في الخضوع للمحاكمة القضائية رغم عرض الكثيرين تفاديها بالهروب او تقديم التنازلات والتي جعلت حقيقة يناير المشوهة موثقة للأجيال القادمة بحقائقها المثبتة في حكم للتاريخ لن ينساه لتستحق فعلا مسمي محاكمة القرن لأنها وببساطة سترسم تاريخ مصر لقرن من زمانها كان التفسير دوما ينحصر في السؤال الدائم , هل هو استدراج للتطهير وتقليل الخسائر ومن ثم الحرب المضادةاو استسلام العاجز المنهزم عديم الحيلة ومحاولة التأقلم مع واقع جديد تفتقد لأدواته مع وجود رغبة في التعلم او  مجرد محاولة للبقاءسياق الأحداث وتتابعها لا يوحي باحتمالات اخري , حتى القرارات الأخيرة والأحداث على الساحة لا تعني غير ذلك , قد يفسرها البعض بالحاجة الي دورة غسيل اخري للتطهير ,مراعاة النمو الطبيعي للمجتمع وأفكاره وإتاحة تجربة الاحتمالات المختلفة على غرار التعليم البافلوفي العتيد او كما نقول " اللي يتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي" , او الرغبة الطامعة في الاستيلاء على السلطة , او محاولة جمع شتات الدولة المشتتة للبدء في المعارك التاريخية المؤجلة مع أعداء وجود الدولة المصرية , واتمني من كل قلبي ان تكون الأخيرةلقد مرت ثلاث سنوات من الخداع ... من الامل  الضائع... من مطاردة الأوهام والركض وراء المعلومة تلو الأخرى وتتلاحق  الانفاس مع الاحداث .... لا تجد وقتا للتفكير ولا لربط النقاط .. لم تجد القوي اللاعبة الفرصة للبناء على ما أتيح لها من فرص وموارد  ... الفشل يتبعه اخفاق ... ثم تأتي جرة العسل لتجذب الخاسر لمزيد من اللسعات ومزيد من الألم استمرت حالة السعار والنهم ، سال لعابهم للوجبة الشهية التي تلمع كما يلمع الطعام في الاعلانات ، لكن الذئاب  تصارعت فيما بينها ، بينما الوليمة لم تمس .. ولم تفقد بريقها مع الزمن ، يضيف المخرج لها قليلا من الورنيش اللميع ، لتجذب ذئابا أكثر  ... ولتشعل  الصراع أكثر فأكثرايماني الراسخ بأن الدولة المصرية القادرة على التطور وحماية نفسها ومحيطها والتي نسعى اليها هي دولة وطنية قانونها قائم على المواطنة دون الولاءات الخارجية , مؤسسات قوية كدعائم لهذه الدولة الحديثة  , يكون الرئيس فيها حكم بين السلطات لا مُفضل لمؤسسة دون غيرها , ضمان حيادية واستقلالية وتطور هذه المؤسسات من داخلها قدر الإمكان وبقدر تطور قدرات الدولة المصرية وليس بهيمنة أحدها على الأخرى او تنازع احداها مع الأخرى .كانت الفرصة متاحة في ما بعد الثلاثين من يونيو , تصفيه كل الحسابات والمعارك المؤجلة والتي تشمل تدمير بنية يناير بكل كياناتها ودعاميها من الخارج والداخل , والتي تبدأ بالعودة للمسار القانوني والدستوري لما قبل يناير(لا العودة  للحدود السياسية للوضع لما قبل يناير , وذلك العقاب جزء رئيسي للمسار القانوني للحل , لأن ببساطة من امن العقوبة اساء الادب) وعلى الأقل تطبيق نتائج التعديلات الدستورية -والتي تعهد بها مبارك- واستفتي عليها الشعب في مارس والتي يمكن ان يبني عليها مستقبلا تعديلات دستورية مكملة او دستور جديد يكون الأساس الحقيقي لدولة مصرية حديثة وبشكل يقطع كل الطرق عن اي حديث عن شرعية مزعومة والتي يتخذها انصار الجماعة وحلفاءها وسيلة للضغط للتفاوض والعودة للحياة السياسية  , فببساطة كل ما بني علي باطل فهو باطل.لكن للأسف , سارت خارطة الطريق على عكس ما كان متوقعا , لجنة دستور من الجهلة والتافهين لا الخبراء القانونيين , وبدلا من تجريم الجريمة قالوا عنها "مجيده" , وارتفعت اصوات المطبليين وركب الجميع " المرجيحة السياسية " تتأرجح اراءهم وتصريحاتهم حسب الموجة وزادت حالة السيولة والاستقطاب , ليست بسبب تفكيرهم في المصلحة الوطنية , بل مصالح شخصية ساذجة لم يحاولوا حتى تزينها او تجميلها .وكان ترشح عبد الفتاح السيسي بمثابة جرة العسل التي جذبت كل المشتاقين والراغبين في الخروج الامن ومن يعرض خدماته رغبه منه في رد جميل مستقبلي , والذي زاد الطين بلة , هو فيض التصريحات والتنظيرات الشعبوية الجاهلة التي تتردد على مسامعنا ليل نهار , وكأن أنهار الجنان ستتفجر على ارض مصر بما يخالف اي منطق او علم .ارتفعت اصوات التعاطف مع اعداء تاريخيين للدولة المصرية , من نظام بعثي كان وراء كثير من المؤامرات ضد مصالح هذا الوطن , الي نظام ملالي حقير واتباعه من ذيول , ناهيك عن نعرات قومية وناصرية بلهاء اكل عليها الدهر وشرب لم نرث منها سوي الهزائم والخراب.ربما يظن البعض ان ما سبق مجرد وهم ، مجرد حنين طفولي لماضي ربما لن يعود وحتى الرغبة في الافضل ستذبل  وسيصبح هذا الماضي على اخطاءه حلما بعيد المنالربما يظن البعض ان هذا الكلام من قبيل الترفع الاخلاقي الذي لا يتناسب مع واقع صعب او قراءه حقيقية للواقع , او مثالية جوفاء لا تتناسب مع طبيعة السياسة البرجماتية والرغبة في تحقيق أفضل النتائج بالأدوات المتاحة لدينا وعلي قدر امكانياتنايظن البعض ان الوضع سيتحسن كثيرا مستقبلا , الحشد الشعبي وسرعة توحيد الجبهة الداخلية بقيادة موحده وبأساس قانوني معقول, حتى لو كان بالخرافة والشعارات الكاذبة , قد يكون مقبولا , لأن الدولة في طريقها لأن تحسم معاركها المؤجلة مع اعداء الخارج مع تعالي اصوات طبول الحرب في المنطقة واصبح من المسلم به ان المعركة قادمة وسنشترك فيها شئنا ام ابينا حماية لمصالحنا وامننا القومي ,وعليه يجب تأمين الجبهة الداخلية وضمان استقرارها , والسياسة هي فن المتاح والممكن , ويمكن ان نقبل ذلك علي مضض مستشهدين بما فعله السادات قبل حرب اكتوبر , قد اتفهم ذلك , لكني لا أستطيع تقبله او دعم طريقة التمهيد له او عصر الليمون في سبيله .علي الدولة المصرية وإلى الأبد ان تدفن فكر الثورة التافه العابث , أوهام القومية البعثية وأمه واحدة ذات رسالة خالدة ومنظومة الشعارات الخرفة التي لم تورثنا سوي الهزائم والخراب لا بد ان تنتهيربما لا نملك ادوات ذلك الان , لا نستطيع ان نتحمل التكلفة لقرار كهذا او حتى لدينا من لديه الشجاعة او القدرة ليفعل ذلك لكنه المسار الصحيح مهما بدا مستحيلا او صعبا ... هو خارطة طريق الانقاذ الحقيقي والاساس السليم لبناء شامخ كالأهرام يليق بوطن صاحب أعظم واول حضارة في التاريخ .يظن البعض ان ليست كل الاماني ممكنه لكن على العكس , كل شيء ممكن مهما بدا مستحيل , ربما يحتاج ذلك عاما او عده اعوام , او حتى عمرا بأكمله لكنه سيحدث يوما ماوالي ذلك اليوم الذي سنلعن فيه الخرافة والشعارات الفارغة  , هل نستمر في دائرة الليمون التي يبدو  انها لن تنتهي قريبا , في الواقع انه لا يوجد ما يدفعنا لعصر الليمون بعد الان , مرحلة خطر الوجود لكيان الدولة المصرية أصبح معدوما , ستبقي مصر على حدودها , الدولة ستبقي على الأقل في حدها الأدنى من القوة والقدرة على البقاء مهما حاول البعض الترويج لغير ذلك مدخلين البلاد في معارك لا ناقة لنا فيها ولا جمل مسترجعين ذكريات الطريق الي الخامس من يونيو 1967لن اطلب الانضمام لممارسة العمل السياسي من خلال حزب او جماعة , ناهيك عن دعوات البعض لجماعات وتنظيمات سرية , والتي هي إحدى خطايا ينايربصفة شخصية هذا ما سأفعله , لن اعصر ليمونا بعد الان , كفي ليمونا , كمواطنه لي حق التعبير عن رأيي بالوسائل المتاحة المسموعة والمقروءة , وفي صناديق الانتخاب , لن اخضع للابتزاز ومحاولات التخوين , سأجلس على الكنبة كما كانوا يتندرون , سأستعد وبقوة الي ان تحين اللحظة المناسبةوالي تلك الحظة لن ننسي ..... لن نغفر .... وسننتقم