عددالزائرين الان

الجمعة، 23 يناير 2015

صحة المصريين في غرفة الإنعاش

صحة الشعب المصري من أخطر الملفات التي تعرض علي كل الحكومات المصرية المتعاقبة، بكل ما يحمله الملف من حقائق حول التدهور العام لصحة المصريين، وإصابة الملايين بالأمراض المستعصية، فضلا عن العجز في عدد المستشفيات العامة والإهمال الذي يسكن المستشفيات وجعلها مقابر لا مراكز للشفاء،

إضافة إلي حالة التسيب والغفلة التي أصابت العديد من الأطباء خاصة فئة الجراحين التي باتت تنسي «الفوط» ومقصات الجراحة وغيرها داخل أحشاء المرضي وكأن صحة المصريين أصبحت «سبوبة» عند بعض الأطباء، ناهيك عما يحدث من مخالفات وأخطاء جسيمة خلف ستار عمليات التجميل وشفط الدهون وغيرها والتي تحولت إلي ما يشبه المافيا. ان صحة المصريين إجمالاً صارت علي كف عفريت، وتتطلب من الحكومة الحالية أو أي حكومة قادمة ان تضع هذا الملف في قمة الأولويات لأن صحة الشعب المصري باتت علي كف عفريت رغم أنها رأسمال التنمية لأي دولة، «الوفد» تفتح الملف.
المستشفيات.. الخارج مولود
مراكز «بير» السلم وتراجع مستوي الخريجين وغياب الرقابة أبرز الأسباب
أساتذة يعترفون بالظاهرة وآخرون يتهمون وسائل الإعلام بتشويه مصر

 

لايزال مسلسل الإهمال والأخطاء القاتلة للأطباء في ربوع البلاد عرضاً مستمراً.. فالمستشفيات باتت شاهد عيان علي الإهمال الذي يلاقيه المواطن المصري بسبب القصور للشديد في المراقبة وعدم وجود آلية ناجزة في عقاب من يثبت خطؤه ورغم الأقدار الدامية للعديد من المرضي الذين دفعوا ثمن إهمال بعض الأطباء إلا ان القانون الذي تحول إلي جثة فشل في إعادة تصحيح المسار من خلال عقاب من يثبت إهماله مما أسفر في نهاية الأمر، إلي ان يدفع المرضي الأبرياء ثمن عجز القانون في الثأر من الأطباء المهملين وبلغت المأساة ذروتها حينما يتحول المنوط بهم إنقاذ أرواح المرضي إلي حملة أكفان الأبرياء ومن اللافت ان تكرار حوادث الإهمال تكشف انه لا فرق في الإهمال بين المستشفي، والمركز الحكومي عن أكبر المعاهد والمستشفيات الطبية ذات الخمس نجوم التابعة للقطاع الخاص .. الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات في خلال التحقيق التالي.. أولها حول المسئولة عن تلك الأخطاء والتي تودي بحياة المرضي أو تصيبهم بعاهات مستديمة ثم يبرز السؤال عن دور القانون في التصدي للمهملين من خلال سن عقوبات رادعة أو تفعيل المتاح منها وقبل ذلك ما هي الأسباب التي أدت إلي تفاقم الظاهرة.. المؤسفة بحق الإنسانية بأكملها!!
الحكايات والقصص المؤلمة والأخطاء القاتلة ترصدها آلاف الشكاوي والمحاضر والقضايا بين الضحية والطبيب ما بين النقابة وأقسام الشرطة والمحاكم والتي غالباً تنتهي إلي هروب الجاني من العقاب بالرغم من أن عدد تلك القضايا التي تصل للمحاكم تمثل نسبة ضئيلة من حوادث الإهمال الطبي، فمعظم البلاغات التي تقدم ضد أطباء مخطئين عادة ما تحفظ نتيجة تقارير الطب الشرعي، ومن ثم عشرات القضايا التي تمتلئ بها أدراج المحاكم المصرية وأكثرها تكراراً نسيان أدوات جراحية داخل بطن مريض وبعضها حدوث عاهات مستديمة أو غيبوبة تامة للضحية غالبا ما تنتهي بالوفاة أو العجز الكامل بسبب تلوث ناجم عن عدم تعقيم غرفة العمليات أو نقص الأوكسجين.. والنتيجة آلاف العاهات والحكايات التي ترصد مدي الإهمال والإهانة التي يلاقيها المرضي في مستشفيات وعيادات مصر المحروسة.. نستعرض خلال السطور القادمة أبرز الحوادث التي شهدتها عدد من المستشفيات ونبدأها بخريجة الجامعة البريطانية التي دخلت كبري المستشفيات المطلة علي النيل لتجري أشعة بالصبغة علي الرحم أملاً في تحقيق حلم الأمومة فخرجت جثة هامدة وكانت تدعي هبة العيوطي ومن أبرز تلك الحوادث التي وقعت لسيدتين دخلتا كبري دور العلاج الشهيرة بمدينة أكتوبر لتجري إحداهما إزالة للمرارة فأزال لها الجراح الكلي والأخري لإزالة حصوة فأزال لها المرارة وكلاهما علي سبيل الخطأ.. وذاك سائق ببني سويف يتهم الطبيب «ط. ع» ابن عم وزير الصحة بالإهمال الطبي بعد إجراء عملية تثببت شرائح ومسامير بارتكاب خطأ فادح أسفر عن إصابته بضمور في عصب اليد أدي لتوقف حركتها، وقد حرر المجني عليه عبدالمحسن محمد السقاري محضراً بذلك يحمل رقم 8603 إداري قسم بني سويف..
ومن بني سويف لمستشفي صيدناوي التابع لمستشفيات جامعة الزقازيق حيث يرقد الطفل محمود محمد علوان والذي شخص الأطباء حالته بنقص الأوكسجين الذي يصل للمخ بالإضافة للطحال وبعد غيبوبة دامت 27 يوماً عاد لوعيه بعدها خرج وبيده «كانيولا» نزعت من يده أثناء لعبه مع بعض الأطفال وبعد توجهه لمستشفي التوحيد الخاص قامت ممرضة بتركيبها بالخطأ بعد إعطائه حقنة أدت لمضاعفات خطيرة، استدعت بتر ذراعه وفقا لآراء الأطباء ورغم ذلك لم يستجب المستشفي المسئول عن المأساة لعلاجه ومحاولة إنقاذه.. نفس المشكلة تعرض لها السيد نوح الموظف بشركة الغزل والنسيج بالغربية نتيجة حقنة صبغة في أحد مراكز الأشعة والتحاليل.. ومن هؤلاء نتذكر عبدالله الذي دخل لإزالة بلغم خرج بضمور في المخ وآخر كان يعاني من آلام في الأسنان وخرج من المستشفي ميتاً وذاك حسن أول مولود لأسرته في الخامسة من عمره اشتكي أيضاً من ألم في أسنانه ذهب إلي أحد المستشفيات الشهيرة في مصر الجديدة وكان التشخيص.. تسوس 6 ضروس وفي حاجة إلي حشو وبعد إعطائه «بنج» كلياً خرج من العملية مشلولاً ثم ما لبث أن توفي بعد ساعة ونصف الساعة والسبب هبوط في الدورة الدموية وحساسية في البنج وذاك البنج الذي تحول لقاتل علي أثر وفاة العديد من الأطفال الذين دخلوا المستشفيات لاستئصال اللوزتين فخرجوا إما لمثواهم الأخير أو مصابين بعاهات مستديمة وشلل تام وكامل أو غيبوبة مستمرة.. الحوادث كثيرة لا يسعنا الوقت لسردها.
أسباب رئيسية
الدكتور نبيل عبدالصمد الدبريكي - أستاذ الحساسية والصدر ومدير معهد الصدر والحساسية بإمبابة الأسبق.. يرصد 4 أسباب رئيسية لأخطاء قد يتورط فيها الأطباء ويدفع ثمنها المرضي في مقدمتها افتقاد الطبيب للكفاءة والخبرة اللازمة للتشخيص والتعامل مع الحالة أو العملية الجراحية المطلوبة وهو ناجم عن كثرة أعداد الخريجين والقبول بكليات الطب دون التوافق ما بين أعداد المقبولين وإمكانيات الكليات وبما يتيح التدريب الكافي ومن ثم القيام ببعض الجراحات ذات المهارة الخاصة وبعيدا عن إشراف أساتذة متخصصين وعلي وجه الخصوص في عيادات خاصة بعيدة تماما عن الرقابة، وهناك أيضا أخطاء مهنية ناتجة عن إهمال أو تكاسل الطبيب ولا يقتصر الأمر علي الأطباء الصغار بل يتحمل مسئولياتها أساتذة كبار يقوم بعضهم مثلا بإجراء العملية ثم يترك استكمالها ومتابعتها لمساعديه وهم دون المستوي العلمي وهنا قد تحدث الكارثة ويقع ما لا يحمد عقباه، وهناك أيضا خطأ قد ينجم عن تحايل بعض الأطباء لاستدراج المرض بهدف الربح وهم غير أكفاء علميا أو دراسيا وهو ما جعل بعض الأطباء الاخصائيين ينسبون لأنفسهم درجات علمية لم يحصلوا عليها أصلاً قبل أسمائهم ويروجون لذلك عبر لافتات إعلانية تتصدر عياداتهم وروشتات لا تخضع لأي رقابة ولو دروية وأصبحنا نري بعض الإخصائيين يزعمون حصولهم علي درجة الدكتوراة في التخصص علي خلاف الحقيقة مما يزيد من حالات وقوع المرضي ضحايا لهؤلاء الأطباء المدلسين وأخيرا تأتي أخطاء لا دخل للطبيب فيها وتتسبب في كوارث كإهمال طاقم التمريض عن مواجهة عدد الأدوات الجراحية المستخدمة أو كتراخي التمريض في إبلاغ الطبيب بأي تغيرات تطرأ علي المريض بعد الجراحة مما يتسبب في مضاعفات خطيرة قد تؤدي بحياته أو تتسبب في فشل العملية رغم نجاحها أو خروج المريض بعاهة مستديمة وقد ترجع مسئولية بعض المضاعفات للمريض أو لأهله من عدم الالتزام بتعليمات العلاج ما بعد العملية الجراحية.
العجلة سبب
الدكتور يوسف جابر الملاح، استشاري طب الأطفال والمبتسرين بمستشفي المقاولون العرب.. يري أن معظم الأطباء الجدد والشباب يجرون جراحات أكبر من قدراتهم العلمية والمادية ويتسمون بالعجلة في كل شيء وهدفهم الأساسي أصبح الجري وراء المادة مع تدني أجورهم في المستشفيات الحكومية وحرمانهم من فرص للعمل بالمستشفيات الخاصة والاستثمارية والتي أصبحت لا تبحث عن الكفاءات بل أصحاب النفوذ وللمجاملات مما دفع بعض الأطباء لإجراء جراحات في عيادات ومراكز غير مؤهلة أو عمليات ضد القانون كالإجهاض وجميعها في مستشفيات بير السلم والتي تفتقد للحد الأدني من التعقيم أو الإمكانيات وبأبسط الاشتراطات الصحية مما يجعل من المرض ضحايا للجهل والفقر وهذا الجهل الذي تتعاظم نسبه مع حصول أطباء الامتياز علي الدبلومة والماجستير بلا أدني مجهود وبدون أي تدريب عملي أو بامتحانات تتم بشكل نظري يفتقد للكفاءة العلمية وخاصة بعد إلغاء وزارة الصحة لفترة طويلة نظام إرسال أطبائها لكليات الطب للتدريب والحصول علي شهادات علمية متقدمة مع التفرغ لعامين لهذا الغرض واكتفت الوزارة بشهادة الزمالة مما ساهم في ضعف مستوي بعض الأطباء مما فاقم من مشكلة الأخطاء القاتلة للأطباء وأصبحت تهدد صحة المرضي مما أفقد ثقة الكثيرين في بعض الأطباء.
الخطأ والمضاعفات
الدكتور - يوسف جابر - يري ضرورة التفرقة بين خطأ الطبيب والمضاعفات التي قد تنجم عن العملية الجراحية أو طرق العلاج ونوعية الدواء وهذا لا يعني اعتبار الخطأ الطبي مجرد خطأ مهني عادي، لأنه غير مقبول ويستحق العقاب والمحاسبة وان وصلت إلي حد الشطب من النقابة وعدم ممارسة المهنة، فالأخطاء واردة وليس هناك أي عملية تصل فيها نسب النجاح إلي 100٪ في أي دولة ولكن الفارق بين الدول في التحقيق في الحوادث والتعويضات التي يحصل عليها الضحايا.
وجهة نظر
الدكتور محمد نصر - أستاذ جراحة القلب وأمين عام نقابة أطباء الجيزة ورئيس لجنة الصحة بحزب الوفد.. أكد علي ان الطبيب المخطئ يحاسب أمام جهتين أولهما النقابة المنوط بها بتوقيع عقوبة رادعة إذا أثبت تقصير المريض أو إهماله، كذلك محاسبته امام الجهة القضائية والتي عادت ما تفتقد لآليات المحاسبة المرجوة مع بطء التفاضي ويضيع معها هيبة العقوبة لدي الطبيب المخطئ ويتضرر منها الطبيب البرئ.. خاصة أن لكل تقنية طبية نسبة وفيات ومضاعفات متوقعة، وعند دراسة أي خطأ طبي تقوم اللجنة الطبية المشكلة بمقارنة تلك النسب المشاهدة للفريق الطبي بنسبة المضاعفات والوفيات المتوقعة مقارنة بالنسب العالمية أو المحلية ولا يعاقب أي من أعضاء الفريق الطبي إلا إذا رأت اللجنة الطبية أن نسب الوفيات والمضاعفات أعلي من النسب المتوقعة وفي هذه الحالة يتم توجيه تحذير للفريق الطبي ويعاد دراسة تلك النسبة بعد عدة أشهر فإذا تحسنت النتائج تحفظ الشكوي أما إذا استمرت نسبة الوفيات والمضاعفات فيتم دراسة الأسباب وتعالج القضية إما بعقاب الفريق الطبي أو بإعادة تأهيله.
ويرفض - محمد نصر هجوم الإعلام والصحافة علي الأطباء واتهامهم بالإهمال والخطأ الطبي القاتل قبل التقصي والتحقيق في الحوادث والإجابة عن أسئلة بعضها حول المستشفي أو المركز الذي شهد حادثة ما مؤهل أم لا كذلك من هو الفريق الطبي الذي قام بأداء التقنية الطبية وهل أفراده مؤهلون ومتدربون وحاصلون علي تراخيص مزاولة المهنة وهل هم معترف بهم من قبل نقابة الأطباء والجمعيات العلمية المتخصصة، كذلك هل كان هناك مغالاة في الاتعاب أو حدث استغلال للمريض وهل التقنية الطبية التي أجريت للمريض مناسبة؟ وهل كان في حاجة فعلية لها وهو ما تقره لجنة آداب المهنة المشكلة من أعضاء الجمعيات العلمية المتخصصة.. بعد كل هذه الإجراءات يمكن أن تكشف عن مدي وجود إهمال وخطأ قام به الطبيب من عدمه وخلاف ذلك لا يخرج عن مجرد إثارة لا تفيد المرضي بقدر ما تؤثر في السياحة العلاجية وفي سمعة مدرسة الطب المصرية فكم من القضايا التي تصدت لها وسائل الإعلام وتعرض خلالها أطباء للتشويه ثم كشفت التحقيقات العلمية أنها جزء من المضاعفات المتوقعة!!
ويبقي تعليق
مهما كانت مبررات أي إهمال أو خطأ طبي ثبت أم لم يثبت فالواقع المصري يؤكد استمرار مسلسل الإهمال والأخطا ء القاتلة للأطباء ومطلوب البحث عن حلول ناجحة للحد منه وعن عقوبات رادعة مع كل هذه الحالات الصارخة والتي لم يردعها معاقبة الطبيب المذنب 4 مرات علي الخطأ الواحد كما هو الحال في نقابة الأطباء حالياً كما يؤكد واقعنا أن مستوي الأطباء وبشهادة أساتذهم يتراجع والتدريب هامشي ومستشفيات بير السلم تفتقر للرقابة وتزايد أعداد خريجي الطب.. وراء حماية المهملين والمخطئين!! ووصلت المأساة ذروتها بإعلان ممرض بمحافظة الشرقية توفير جميع أعمال التمريض في المنزل من الحقن وتركيب المحاليل وجلسات الصدر والحساسية إلي إقامة عناية كاملة في البيت.. ممرض كل مؤهلاته بكالوريوس تجارة والتحق بمعهد للتمريض لمدة عامين ويواصل دراسته بأحد معاهد السياحة كما كشفت التحقيقات بأحد المستشفيات عن عاملة نظافة تتولي تجبيس المرضي بدلا من الطبيب المشغول، وللأسف هذه النماذج أصبح لها زبائن من المرضي إما جهلاً أو توفيراً للنفقات الباهظة.
في سطور
لائحة آداب المهنة - فيما يخص واجبات الطبيب نحو المرضي تنص في بعض مواردها علي:
< المادة 20: علي الطبيب أن يبذل كل ما في وسعه لعلاج مرضاه ويخفف آلامهم ويحسن معاملتهم ويساوي بينهم في الرعاية دون تمييز.. كما تنص المادة 21 علي أن يوفر الطبيب لمريضه المعلومات المتعلقة بحالته المرضية ويجوز لأسباب إنسانية عدم إبلاغه.
< المادة 22 تلزم الطبيب بحدود مهاراته وأن يستعين بخبرة من هم أكفأ منه من الأطباء في مناظرة وعلاج مريضه عند اللزوم.
< المادة 27 تلزم الطبيب أن ينبه المريض ومرافقيه إلي اتخاذ أسباب الوقاية ويرشدهم إليها ويحذرهم مما يمكن أن يترتب علي عدم مراعاتها ويجوز له طلب توقيعهم علي إقرار كتابي في بعض الحالات التي تستدعي ذلك.
< المادة 32 تنص علي انه إذا توفي المريض داخل المنشأة الطبية الخاصة يبلغ الطبيب الجهات المختصة.
تستدرج الضحايا بإعلانات وهمية:
مافيا عمليات التجميل تحصد الأرواح
 
 
أصبح هناك هوس شديد بعمليات التجميل ليس فقط في أوساط الاناث بل أيضاً في أوساط الذكور ووفقاً لتقارير مستقلة فإن عدد ما يجري من جراحات يصل الى عشرات الآلاف أسبوعياً.. ويبدو أن هوس البحث عن جمال زائف والتقليد الأعمى لنجوم الفن الى اللجوء لاجراء جراحات بعينها بغرض مواجهة آثار الزمن على الوجوه أو التخلص من عيوب خلقية والتغيير في المظهر والشكليات وذلك نتيجة اعلاء قيمة المظهر والمادة على حساب قيمة المعنى والمضمون، باختصار إن تلك الجراحات ما هى الا انعكاس لأزمة تخلف ثقافي وسلوكي ساهم فيها الاعلام بتركيزه المستمر علي الشكل دون المضمون.. كل هذا  أتاح الفرصة لمافيا عمليات التجميل في استغلال نقص الوعي لدى بعض المواطنين والذين قد يدفعون حياتهم ثمناً لتلك العمليات.
في البداية يجب أن نشير الي أنه اذا كان من الجائز أن تتجمل المرأة لطبيعتها الفطرية، فهل من المعقول ان يذهب الرجل الشرقي الى عيادة التجميل ليغير من شكله؟!
هذا الأمر أصبح يحدث الآن، وبشكل ملحوظ والسبب هو رغبة بعض الرجال في استعادة الشباب وإضفاء نوع من الحيوية علي الشكل خاصة اذا كان من المشاهير ورجال الأعمال اضافة الى عدم تقبل الذات علي علاتها مما يدفعهم الى اجراء جراحة بهدف أن يبدو أكثر شباباً ووسامة ونضارة.
ولا يخلو مجال طب التجميل من حوادث مروعة لأناس ترددوا على تلك المراكز بهدف تجميل وجوههم لكن كان في انتظارهم نهاية مأساوية كتلك الحادثة التي وقعت بمركز تجميل منذ فترة قصيرة راحت ضحيتها سيدة ليبية تبلغ من العمر 36 عاماً وقد تم العثور على جثتها ملقاة بشارع «التسعين» بالقاهرة الجديدة حيث ارتكب طبيب التحذير خطأ مهنيا أصيبت على اثره بهبوط حاد بالدورة الدموية ثم فاضت روحها وعلى أثر ذلك قام الطبيب وصاحب مركز التجميل بالتخلص من جثتها بمساعدة موظف الاستقبال والممرضة.
وليست تلك هي الحادثة الأولى فهناك الكثير من الحوادث التي تقع داخل مراكز التجميل ولا نسمع عنها شيئاً، ولن تكون هى الحادثة الأخيرة في ظل غياب الرقابة!
يقول د. علاء غيتة - أستاذ جراحة التجميل بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية المصرية لجراحة التجميل سابقاً - لا شك أن هناك الكثير من مراكز التجميل غير المرخصة ويوجد بها اطباء غير مؤهلين ويتعجب د. علاء من وجود اعلان عن مركز طبي في القرن 21 مازال يوهم المواطنين بالعلاج عن طريق «دم الوطاويط»! وينصح الدكتور علاء المواطن باختيار الطبيب الذي سيتوجه اليه عن طريق نقابة الاطباء أو من خلال جامعة محترمة حيث يوجد بها كشف بأسماء الاطباء المتخصصين في هذا المجال ولا شك أن هناك كثيراً من الاعلانات المغرية التي تظهر على شاشة التليفزيون لمراكز تجميل تقوم بخداع الناس وللأسف ليست هناك رقابة على تلك المراكز الطبية.
ويضيف الدكتور علاء: لقد سبق وأكد لي الوزير الأسبق اسماعيل سلام أن هناك مركز تجميل قام بإغلاقه لكن المسئولين عنه قاموا بتجديد نشاطهم في ثمانية مواقع أخرى تباعاً باختصار - كما يقول علاء - هناك تحايل على القانون ويتم دفع بعض الرشاوي من أجل أن تظل تلك المراكز مفتوحة فأين جهاز حماية المستهلك ورقابة وزارة الصحة من كل هذا؟! والمطلوب هو أحكام رادعة في حالة ثبوت الاهمال وفرض غرامات طائلة على تلك المراكز، كما يرتدع اصحابها ومما لا شك فيه أن مثل هذه المراكز قد تستخدم أجهزة تخدير غير سليمة وقد تعطي المعيار بشكل خاطئ بسبب نقص الامكانيات، لذا يجب عدم الجري وراء الاعلانات  المضروبة لأنها قد تأتي بنتائج عكسية.
العشوائية تزيد من الخسائر
وعن الآثار المترتبة على عدم وجود رقابة تتابع ذلك النشاط يعترف د. محمد حسن خليل - استشاري أمراض قلب ورئيس منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة - بأن هناك حالة فوضي ليست مقصورة في مجال طب التجميل فقط ولكن في كل القطاع الطبي، فالرقابة التي تفرضها وزارة الصحة ضعيفة! ومراكز التجميل ليست سوى جزء من الفوضى الطبية الموجودة في مصر لذا يجب أن تقوم كل المستشفيات سواء الخاصة أو الحكومية بإعلان نسب دخول المرضى بها، ونسب المضاعفات والوفيات في تقارير يتم نشرها من أجل المقارنة فيما بينها وهذا من الحقوق التي يجب أن يفرضها المواطن، كما ينبغي أن تكون هناك رقابة  مزدوجة من نقابة الأطباء ووزارة الصحة، فالنقابة للأسف مغلولة اليدين وليست لديها صفة الضبطية القضائية في حالة التقدم لها بشكوى، ووزارة الصحة من ناحية أخري ليست لديها آليات للرقابة وينصح الدكتور محمد بأن يهتم المواطن في حالة توجهه لأي طبيب بأن يحصل علي روشتة عليها توقيع الطبيب حتي يسهل محاسبته قانونيا في حالة إهماله. باختصار يجب توعية المواطن جيدا بهذا الشأن.
الجاذبية تودع الرجال
يقول د. هاشم بحري - أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر - إنه بعد سن الخمسين تبدأ جاذبية الرجل في التراجع لذا يتجه نحو استعادة جماله وجاذبيته مرة أخري رغبة في البحث عن امرأة جميلة بعد غياب جمال زوجته، وقد أصبح هذا الأمر منتشرا في السنوات الأخيرة مع توافر المال والبدائل لذا يلجأ معظم الرجال الي شفط الترهلات من المعدة في محاولة للقوام الرشيق واللياقة البدنية عن طريق استعادتها صناعيا. أما الشباب فإنه يلجأ لعمليات التجميل لعدة أسباب وهي مرتبطة بطريقة رؤيته لنفسه أو لرؤية المجتمع له أو لشيوع هذا الاتجاه في المجتمع فالشباب الأكثر تأثرا بتعليقات وانتقادات الأخيرين لهم خاصة إذا كانوا يواجهون مشكلة أو يعانون عيبا خلقيا يؤثر علي علاقتهم بالآخرين وعدم تقبل الآخرين لهم وهنا تكون الرغبة في التجمل نابعة من داخل ذلك الشخص كما يتجه الإنسان لتقليد القدوة التي يتخذها في حياته من المشاهير مثلا ويري أن عملية التجميل في أغلب الأحيان تكون رسالة غير مباشرة يلجأ إليها البعض ليجذب الجنس الآخر.
غير أن المشكلة تكمن في أن طائفة من الناس لا تدرك أن الجمال نسى وأن من يرانا يشده إلينا نوع من الحس الذي قد يكون خفياً علي الآخرين، ولذا فإدراك الشخص لنفسه لا بد أن ينطلق من إدراكه أن الجمال نسبي وعليه أن يتعايش مع شكله ويثق في ذاته.
هذا وقد أكد نصر فريد واصل، مفتي مصر السابق، من قبل أن عمليات التجميل طالما كانت لضرورة كأن تكون لعلاج آثار حادث أو حروق أو غير ذلك، فلا شيء فيها وهي جائزة شرعاً، مشيراً إلي أن عمليات شد الوجه وشفط الدهون وغيرها من العمليات التى تلجأ إليها المرأة حفاظاً علي جمالها حتى تظل في نظر زوجها بجمالها الطبيعى الذي وهبه الله لها، جائز شرط ألا تسرف في الإنفاق على هذه العمليات الأموال الطائلة التي يمكن أن تنفقها في أبواب الخير، غير أن «واصل» أكد أن أي عملية يتم فيها تغيير خلق الله أو معالم وجه الشخصية بحيث يصبح شخصاً آخر أو يصعب التعرف عليه وعلي شخصيته لدي الجهات الرسمية التي يتعامل معها، فإن هذا يعد تدليساً وتزييفاً لشخصية الإنسان الأساسية.
ويضيف أن مثل هذه العمليات تؤدى إلي إحداث فوضى في المجتمع ومن ثم ينشط المجرمون وعصابات المافيا.
وأكد أن في مثل هذه الحالات تكون الهيئة الطبية التي أجرت للشخص العملية شريكة له في الإثم والذنب.
اختفاء الأدوية من الأسواق يقتل المرضى
المصابون بالسرطان و«الكبد الوبائى» يبحثون  عن العلاج بلا جدوى

إذا كان رغيف العيش مطلباً حيوياً للحياة، ومن مطالب الثورة حيث نادت بـ«عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، فإن الدواء أكثر أهمية للمريض لأنه هو المنقذ لحياته... وأزمة نقص الأدوية انعكست آثارها السلبية على المريض، والصيادلة، علاوة على ارتفاع أسعار بعض الأدوية واختفائها من الأسواق والمستشفيات نتيجة استغلال بعض شركات الادوية حاجة المرضى لأنواع معينة من الدواء، وأزمة نقص بعض الأدوية يعانى منها المصريون، منذ أكثر من ثلاث سنوات وتحديداً عقب ثورة 25 يناير 2011، وهى أزمة آخذة فى الازدياد بشكل كبير، أصبح يهدد المرضى ويزعج الصيدليات التى يتردد عليها الباحثون عن الأدوية.
بداية يجب الإشارة الى أن هناك أكثر من 190 مليون شخص سنويا يعانون ضائقة مالية شديدة اثر الوقوع فريسة للمرض وحاجتهم للخدمات الصحية، واضطرارها الى دفع ثمنها بصورة فورية، وهو ما يجبر العديد من المرضى الى بيع ممتلكاتهم، أو الغرق فى الديون لسداد قيمة الدواء، فالمواطن المصرى مضطر الى انفاق نسبة كبيرة من دخله على علاج أسرته، ونقص الأدوية يزيد من معاناة المريض، اضافة الى ارتفاع الأسعار، ويأتى فى مقدمة الأدوية غير المتوفرة بشكل تام – كما أكد بعض الأطباء والصيادلة لـ«الوفد» ـ وهو علاج الأورام والسرطان وهو ما يسمى بالكيماوى فيوجد نقص تام للكيماوى سواء فى المستشفيات الحكومية، والمستشفيات الخاصة. وتأتى فى المرتبة الثانية أدوية مرضى الفيروس الكبدى الوبائى وقد عانى المريض من نقصان مع ضم الأدوية والبديل لهذة الأدوية غير آمن (الصينى). فهناك كثير من الأمراض لم يعد يتوافر لها الدواء اللازم ولا يوجد حتى البديل لها، ويبحث الملايين من المرضى عن هذه الأدوية بلا جدوى.
والمشكلة كما أوضح د. رجائى صفوت ـ طبيب صيدلى ـ أن المريض المصاب بمرض مزمن يسبب له  نقص الأدوية مشكلة كبيرة، لأن تغيير نوع العلاج الاساسى واستبداله بآخر يؤدى الى عدم الاستجابة الى العلاج والشفاء، فكل مريض يختلف عن غيره نظرا لان كل حالة تختلف عن غيرها، ونقص الدواء يؤثر سلباً على المريض فى أكثر من جانب خاصة مع طرح الطبيب بدائل، فهو يفقد ثقته فى الطبيب، ثانياً يفقد ثقته فى الصيدلى اعتقاداً بأنه يخفى الدواء ولا يريد بيعه إلا لآخرين، ولمواجهة نقص المادة الخام وارتفاع سعر الدولار اما ان تلجأ وزارة الصحة الى رفع أسعار الدواء والوزارة ترفض ذلك واما أن ترفض الشركات تصنيع الدواء وخصوصا رخيص الثمن.
وفى الواقع فإن نقص المادة الخام وارتفاع سعر الدواء أدىا الى اختفاء بعض الأدوية، وارتفاع أسعار أخرى، ولا تجد وزارة الصحة من حل أمامها إلا اللجوء لرفع أسعار الدواء، أو ممارسة الضغوط على الشركات لانتاج الدواء بأسعار رخيصة، وكل من الحلين صعب التحقيق.