عددالزائرين الان

الجمعة، 6 مارس 2015

الجيش العربى الموحد.. التحديات والواقع

«إن الحرب لا تحدد أياً من المتحاربين على حق، بل تحدد من الذى بقى منهم بعد الحرب».

هذه المقولة للكاتب وداعية السلام برتراند راسل، وتأتى مناسبة هذه المقولة على أثر جهود تكوين «الجيش العربى الموحد» الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية المسلحة المنتشرة فى الدول العربية الآن، وخاصة فى ليبيا بعد وقوع الحادث الغادر الذى قتلت فيه قوات «داعش» 21 قبطياً مصرياً مرة واحدة.
وكان المحللون الغربيون دعوا إلى تكوين هذا الجيش منذ شهر أغسطس  2014 وبالتحديد فى ليبيا، حيث قال الجنرال مارتن ديمبسى رئيس هيئة الجيوش الأمريكية إن الوضع فى ليبيا لا يقل خطورة عن مثيله فى العراق وسوريا.
تعددت التحالفات والمحاولات الغربية فى تدشين قوة عسكرية ذات إمكانات تقنية ولوجستية عالية لمواجهة التنظيم الإرهابى الدولى «داعش» وفروعه على مستوى العراق وسوريا، ولكن مع الأسف لم تحقق هذه التحالفات والقوات الأهداف المرجوة، ويؤكد على أثر هذه النتائج الباحث «بول هاميل» مدير الاتصال والشئون الإستراتيجية فى الموقع البحثى والتحليلى «أمريكان سيكيوريتى بروجكت»، أن مهمة الجيش الأمريكى وحلفائه فى سوريا والعراق لن يكتب لها النجاح بدون الأدوار والمبادرات العربية، مشيراً إلى أن الأمريكيين ليس لديهم المعرفة الكافية بالناحية المحلية والخلفيات السياسية والتاريخية لبواطن الأمور فى هذه البلاد فهى ليست أوطانهم.
كما يرى هاميل أن مصر هى حجر الزاوية الاقتصادى والاجتماعى والتحول الإيديولوجى فى إقليم الشرق الأوسط فبدونها لن يكون لأى من التحالف العربى أو العربى الغربى تأثير فعال فى القضاء على داعش.
طالبت مصر المجتمع الدولى فى الأمم المتحدة بتكوين تحالف عسكرى لشن هجماته على الجماعات المسلحة فى ليبيا بالأخص والتى بات اسمها فى الأوساط الغربية تنظيم «داعش» اختصارا لاسم داعش وليبيا معا، إلا أن هذه الدعوة لم تلق ترحيباً دولياً واشترطت الدول إحلال حكومة رسمية واحدة وبرلمان، واللذين على أثرهما يمكن للمجتمع الدولى تقديم الدعم السياسى والمادى لهما، ثم يتبعه ذلك النظر فى الدعم العسكرى.
وعلى الجانب الآخر اعتبر الأدميرال المتقاعد وليام فالون عضو المجلس الأعلى للطيران الأمريكى، أن خطاب مصر فى الأمم المتحدة يعد تحذيرا دوليا صريحا وواضحا ينم عن الخطر الحقيقى الذى يتربص بالجميع.
ويعتبر جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى والكاتب والممحلل المحلل السياسى ليوك لورنز أن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكوين جيش عربى مشترك لها دلالتان وهما:
أولا: لم يكن يستطع الرئيس المصرى أن يدعو هذه الدعوة التى اعتبرها العسكريون الغربيون نقلة كبيرة فى المدرسة العسكرية المصرية فى هذا التوقيت الحرج، إلا دلالة قوية نابعة من قوة مؤكدة يريد السيسى عرضها أمام أعين العالم الغربى والعربى بما فيهم تنظيم  داعش.
ثانيا: دعوة مصر لتكوين هذا الجيش منحت الشعور بالأمان للدول العربية التى يمكن لها أن تشارك بقواتها فى هذا الجيش، وأنها ستكون تحت مظلة ورعاية الجيش المصرى الأم.
وكان لهاتين الملحوظتين اللتين رصدتهما الأوساط السياسية الأمريكية وغيرها دور فى إعادة النظر إلى دور مصر المؤثر وبشدة فى مجريات الأمور فى الشرق الأوسط، ما يثبت أنه ليس من مصلحة الأمريكيين أن يتركوا علاقاتهم بمصر أن تستمر فى حالة الترهل الحالية، حيث ليس لديهم مناص سوى دعم الدور المصرى على كل الأصعدة الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية.