عددالزائرين الان

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

المخابرات تصنع الإرهاب



فى مجال السياسة الدولية لا شىء يحدث صدفة ,كل شىء محسوب بالورقة والقلم , تتم صناعتة بحرفية  شديدة عن طريق أجهزة المخابرات العالمية وحلفائها لتحقيق مكاسب إقتصادية وأخرى سياسية تتعلق بالسيطرة على دول كاملة ورسم حدود دول جديدة, وهى تماثل تماماً عملية ما يحدث فى عمليات التصنيع,فالصناعةعبارة عن منتج يتم تخليقه ثم تسويقه للحصول على أكبر قدر من المكاسب منه وحينما يتم الإستفادة القصوى من المنتج , يتم الإستغناء عنه وتدميره لتصنيع منتج جديد  وهكذا دواليك , حيث يتكرر ذلك الأمر فى مجال السياسة التى يتم فيها تصنيع جماعات إرهابية ثم التخلص منها بعد إنتهاء مهماتها المنوطة بها.

الحرب بالوكالة
ظهر هذا المصطلح الجديد مؤخراً وفيه تستخدم القوى المتحاربة أطرافا أخرى للقتال بدلا منها بشكل مباشر وهو ما حدث عند الغزو السوفييتى لأفغانستان فى شهر ديسمبر من عام 1979 حيث دخلت الولايات المتحدة بشكل غير مباشر فى الحرب الدائرة عن طريق دعم المجاهدين الأفغان  بالمال والتدريب والسلاح لمحاولة إضعاف الإتحاد السوفييتى دون إحداث خسائر تذكر فى الجانب الأمريكى .
إلا أن الولايات المتحدة وحلفاؤها وجدت أن العراق ليس كأفغانستان وكانت تحتاج إلى التدخل العسكرى المباشر لتحطيم القوة العسكرية التى يمكن أن تهدد إسرائيل وذلك فى حرب الخليج الثالثة عام 2003 التى تم فيها غزو العراق وتكبدت دول التحالف التى شنت الحرب خسائر كبيرة فى المعدات والأفراد خاصة القوات الأمريكية والبريطانية حيث تعرضت حكومات البلدين لإعتراضات شعبية واسعة .

هنا كان لابد من تغيير فلسفة الحروب الحديثة التى تقوم على المواجهة المباشرة ليتكرر نفس الأسلوب السابق  الذى تم سابقاً فى أفغانستان والذى يعتمد على الحرب الغير مباشرة عن طريق طرف آخر يقوم بتحطيم جيش الدولة تماماً حتى تدخل القوات الأمريكية وتقوم بتقسيم الأرض دون خسائر تذكر, وهنا كان لابد من البحث عن طرف جديد بديل لتنظيم القاعدة الذى أصبح كارتاً محروقاً وإستنفذ الغرض منه, وكان الهدف تصنيع تنظيم جديد ليقوم بالمهمة لكن هذة المرة مع الجيش السورى وهو الجيش الثانى بعد العراق فى منطقة آسيا الذى كان يستطيع مواجهة إسرائيل وهذا التنظيم الجديد جاء أكثر شراسة من تنظيم القاعدة ليظهر تحت إسم داعش.

وكان لابد من التحضير لتلك الفلسفة الجديدة من خلال تهيئة الشعوب العربية لتصبح الظهير الأساسى لتلك التنظيمات والمفرخة التى تمدها بالأفراد عن طريق التدخل فى شئون الدول تحت إسم نشر الديمقراطية , لتنقلب الشعوب على أنظمة الحكم , والغريب أنه كان يتم الإعلان عن تلك السياسة الجديدة فى الصحف دون أن يلحظ أحد.
وكما يظهر فى الصورة الخبر المنشور فى جريدة الوفد عام 2006 نقلاً عن جريدة فايننشنال تايمز البريطانية والذى جاء فيه نصاُ أن المخابرات الأمريكية والأوروبية تخطط لتغيير الأنظمة العربية حيث كشفت الجريدة عن إجتماع ضم رؤساء مخابرات أمريكا وأوروبا فى واشنطن لتغيير أنظمة الحكم بطرق غير تقليدية , حيث ذكر فى الخبر الجزء الخاص بنشر الديمقراطية عن طريق المنظمات الحقوقية فى حين لم تذكر لطرق الأخرى الغير تقليدية مثل التنظيمات الإرهابية.

صناعة التنظيمات
تقوم صناعة التنظيمات المتطرفة فى الأساس على ما يعرف فى علم النفس بغسيل المخ Brainwashing  الذى يتم فيه التحكم في عقل وفكر شخص واتجاهاته دون رغبة أو إرادة منه , حيث تقوم أجهزة المخابرات الغربية  بتطبيق أحدث نظريات علم النفس من خلال العلماء الذين يجرون التجارب فى المعتقلات خاصة معتقل جوانتاناموا الذى يدار بعيداً  عن القوانين الأمريكية, أو معسكرات الإعتقال وأماكن الإحتجاز فى إنجلترا.

وتتم عمليات غسيل المخ بطريقتين أساسيتين:
- التحكم المباشر فى العقل ويحدث فى أماكن الإحتجاز والمعتقلات.
- التحكم الغير مباشر فى العقل ويتم من خلال رجال الدين المتطرفين ووسائل الإعلام .

وتعتمد جميع عمليات غسيل المخ للمتطرفين على :
-التركيز على الفكر التكفيرى وتكفير الآخر المأخوذ أساساً من كتب التراث التى تحمل الكثير من المغالطات والأحداث الدموية.
- إستبدال المصطلحات بأخرى مضادة لضمان توجيه الأفراد ( الجيش السورى يصبح قوات الأسد أو ميليشيات النظام, الجيش المصرى يصبح جيش الردة , الجيش السعودى يصبح جيش الطاغوت).
-إستخدام المخدرات بشكل غير مباشرسواء عن طريق مياة الشرب أو الطعام , مثل مخدر الكبتاجون , حيث كشف يوري فيدوتوف المدير التنفيذي لدائرة الأمم المتحدة لشؤون مكافحة المخدرات والجريمة إلى أن "داعش" ينتج هذه المنشطات بالدرجة الأولى لتغطية احتياجات عناصره، وتعويد الموالين له على تعاطيها، إذ تثير المشاعر العدوانية وتزيل الشفقة من قلب المتعاطي.
- هناك حقيقة هامة ينبغى الإلتفات إليها وهى أنه ليس كل من يلتحق بالتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وداعش قد تم السيطرة العقلية عليه سيطرة مباشرة, بل تتم السيطرة المباشرة على القيادات فقط التى يتم إلقاء القبض عليها وإحتجازها فى السجون التى تشرف عليها القوات الأمريكية مثل سجن أبوغريب فى العراق وسجن جوانتاناموا فى كوبا ليتم تعريضهم إلى تعذيب شديد وأساليب خارج حدود العقل والمنطق, ثم يتم الإفراج عنهم بعدها ليصبح الشخص المفرج عنه أقرب إلى الوحش الذى يريد الإنتقام ..وجميع الأتباع تتم السيطرة عليهم بشكل غير مباشر عن طريق وسائل الإعلام أو رجال الدين فى المساجد.

التحكم المباشر فى العقل
 وفيه يتم إستخدام طرق متعددة لتغيير فكر ومنهج المعتقل حيث بدأت الولايات المتحدة فى بداية الخمسينيات إستخدام طرق غير تقليدية فى السيطرة على الخصوم المعتقلين وبرمجتهم لإعادة توجيههم بما يخدم السياسة الأمريكية, وذكر الصحفى والباحث الفرنسى "فرانك دانينو" فى المركز الفرنسى للأبحاث والذى كان كان يعمل كأخصائى فى إستخبارات الولايات المتحدة وحرب المعلومات فيها , أنه جرى إطلاق أكثر من 100 برنامج فى كلاً من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا تختص بالسيطرة على المعتقلين , حيث حملت هذة البرامج أسماء رمزية كالطائر الأزرق "Bluebird" و " "Artishoke" إلا أن أشهر تلك المشاريع كان مشروع مونارك أو " MK ULTRA " والذى ظهر على السطح الحديث عنه إثر تأليف لجنة عام 1975 للتحقيق فى تجاوزات وكالة المخابرات الأمريكية حيث ظهرت بعض الأوجه المظلمة لهذا البرنامج بعد 15 عاماً من إطلاقه.

حيث قامت فيه المخابرات الامريكية CIA بإجراء تجارب تتضمن إزالة الشخصية الحقيقية للفرد عن طريق معالجة كهربائية خاصة- ومن ثم خلق وبرمجة شخصيات متفرقة وموزعة إلى أقسام مختلفة في العقل وهذا يجعل الخاضع للعملية مهووساً بأفكار معينة يتم تحديدها وبرمجتها مسبقاً،وهذه هى الطريقة المتبعة في برمجة الانتحاريين الذين يستخدمونهم للاغتيالات. 
وأكدت هذا الكلام كاثى أوبراين فى كتابها الشهير " تحول امريكا " وهى الناجية الوحيدة المعلنة التي شُفيت من آثار عملية "مونارك" السرية للتحكم في العقل البشري حيث ذكرت بالتفاصيل التحكم الحكومي الرسمي للولايات المتحدة الامريكية في عقول عملاء المخابرات.


 وبمقارنة برنامج MK-ULTRA بما يحدث من مجرمى الجماعات الإرهابية الذين يقتلون ويذبحون بدم بارد دون أدنى مشاعر إنسانية نجد أن بعضهم وخاصة قياداتهم قد تعرضوا إلى ذلك النوع من البرامج  خاصة أننا عند البحث والتقصى عن ماضيهم نجد أن أغلبهم تم إعتقاله فى معتقلات أمريكية كسجن أبو غريب أو تم إعتقاله فى أحد مراكز الأعتقال  فى جوانتانامو حيث كانت تتم برمجتهم بأحدث الطرق والوسائل التى لا يتخيلها أحد .
المشكلة الرئيسية فى السيطرة العقلية بهذا الإسلوب تكمن فى ضرورة التخلص من الشخص المسيطر عليه عقلياً خاصة إذا تعدى سن 35 أو 40 عاماً حيث يقوم العقل بإسترجاع ما تم مع المعتقل والذى يظل كامناً فى العقل ولا يتذكره الفرد حتى يصل إلى ذلك العمر.

التحكم الغير مباشر فى العقل
وفيه تتم السيطرة على الأفراد من خلال رجال الدين المتطرفين على وجه الخصوص سواء فى أماكن التجمعات أو وسائل الإعلام المختلفة من خلال التركيز على مفاهيم محددة من داخل الدين نفسه مثل مفهوم "الجهاد" الذى يتم تحويله من جهاد ضد الصهاينة إلى عمليات عسكرية ضد أفراد مسلمين من جيش الدولة المراد هدمها مثل سوريا , بعد نزع صفة الإسلام عن الجيش ليصبح الفرد مبرمجاً لا شعورياً وكأنه يحارب الطرف الآخر الكافر, ويتميز هذا النوع بأن الأفراد فيه لا يعلمون أنهم تمت السيطرة عليهم وتوجيههم خاصة أنه يتم إستخدام كتب التراث ليصبح الفرد مقتنعاً بكل ما يقوم به حيث يجد ظهيراً دينياً يببر له أفعاله.

نموذج للتحكم المباشر فى العقل
يعتبر هذا الحادث الذى وقع مساء الأربعاء 22 مايو2013 من أهم الحوادث التى يظهر فيها إسلوب السيطرة العقلية حيث قتل جندي بريطاني وأصيب آخران في هجوم وصفته الحكومة البريطانية بأنه "عمل إرهابي نفذه إسلاميون متشددون"، حيث قام المنفذون المسلحون بالسكاكين فقط بقطع رأس الجندي بعد قتله في أحد شوارع جنوب شرق العاصمة لندن.
ولاحقت عناصر الشرطة البريطانية المنفذين وأطلقت النار باتجاههم، حيث تم إصابة اثنين فقط برصاص الشرطة.
وكان أحد المهاجمين قد ظهر في لقطة بثت على محطة تلفزيون ITV وهو يحمل ساطورا ملطخا بالدم ويردد "نقسم بالله العظيم أننا لن نتوقف عن محاربتكم. السبب الوحيد الذي دفعنا لفعل هذا هو أن المسلمين يموتون كل يوم. قتل هذا الجندي البريطاني هو من باب العين بالعين والسن بالسن."
والغريب أنه اعتذر لبعض النساء اللاتى تواجدن فى موقع الحدث قائلا " أعتذر من النساء لأنهن اضطررن لمشاهدة هذا لكن في أرضنا نساؤنا تضطر لمشاهدة مثل هذا." وأضاف متوجها للبريطانيين: "لن تجدوا الأمان أبدا. تخلصوا من هذه الحكومة إنها لا تهتم بكم"
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن شهود إن رأس الضحية قد قطع، ورفضت الشرطة التعليق على هذه المعلومات.


وعند تحليل ذلك الحادث نجد أن القاتل يظهر فى الفيديو يتحدث بصورة طبيعية تماماً للمارة , ولم يصيب أياً منهم بسوء, ونلاحظ أيضاً على وجهه نظرة ليست طبيعية وكأنه فى حالة برمجة عقلية محددة الهدف , لم يأثر بالعملية التى قام بها والتى تصيب الشخص العادى بالصدمة والإنهيار , والغريب كما هو الحال فى تلك الجرائم نجد أن القاتل كان قد سبق إعتقاله وهو ما يؤكد ما سبق وقلناه أن جميع القتلة تم إعتقالهم مسبقاً فى أماكن إحتجاز وهى المكان المثالى لتصنيع الإرهابيين تحت إشراف أجهزة المخابرات.

نماذج للتحكم الغيرمباشر فى العقل
النموذج الأول للتحكم الغير مباشر فى العقل  والذى يتم عن طريق رجال الدين هو الانتحاري الفلسطينى وسام محمد العطل 37 عاما الذى كان يعمل طبيب أسنان من مخيم جباليا فى شمال غزة والذى نسي قضية فلسطين بلده الأساسية المحتلة من العدو الصهيونى  وبدلاً من محاربته , ذهب إلى سوريا بهدف “الجهاد” ضد الجيش السورى العربى المسلم الذى خاض حرباً مع الصهاينة عام 1973 ليقدم أكبر خدمة لإسرائيل لم تكن تحلم بها فى يوم من الأيام.

أما النموذج الثانى فهو لمواطن سعودي أقدم على قتل ابن عمه العسكري فى الجيش السعودى، بعد مبايعته تنظيم "داعش"، وأميره أبو بكر البغدادي، تطبيقًا لمبدأ "الأقربون أولى بالمعروف".
ويظهر مقطع الفيديو المواطن السعودي، وهو ممسك بسلاحه، ويطلق النار على إبن عمه المقيد بجانبه, وقال المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية  أن التحقيقات الأمنية أسفرت عن تحديد هوية المجني عليه وهو المواطن مدوس فايز عياش العنزي من القــوات المسلحة والذى تم استدراجه في يوم عيد الأضحى المبارك من قبل ابني عمه كل من سعد راضي عياش العنزي (21) سنة وشقيقه عبدالعزيز راضي عياش العنزي (18) سنة، من سكان محافظة الشملي بمنطقة حائل، ثم الغدر به وقتله.
وهنا يظهر خطورة التحكم فى العقل عن بعد حيث لم يرى القاتل أبو بكر البغدادى سوى على شبكة لإنترنت ثم قام بمبايعته على القتل وهو معتقداً أنه خليفة المسلمين فى حين أن البغدادى نفسه أو غيره ممن سوف يظهرون فى المستقبل من الممكن أن يكونون عملاء لأجهزة مخابرات وعلى الرغم من ذلك يتبعهم البعض من مغيبى العقول .




العمليات النظيفة للمخابرات
تهتم أجهزة المخابرات العالمية بإخفاء آثار العمليات التى تقوم بها , لتضيع أية دلائل تدل على الجهة التى قامت بتلك العملية وهو ما يطلق عليه مصطلح "العمليات النظيفة", وخير مثال على ذلك حادث ديانا الذى فى الظاهر يعتقد انه تم بمحض الصدفة, إلا أن جميع الدلائل تشير إلى تورط جهازى المخابرات الإنجليزية MI6  وجهاز المخابرات الفرنسية , و عندما حاول أحد الصحفيين تتبع شهود الحادث مثل سائق سيارة ديانا ودودى الذى لم يمت فى الحادث وجده فاقد الذاكرة أما الحارس الخاص الذى بقى أيضاً على قيد الحياة إختفى فى ظروف غامضة.
إستراتيجية العمليات النظيفة تقتضى ثلاثة خطوات رئيسية:
1-صناعة التنظيم
2- توجيهه بما يحقق أهداف المخابرات.
3- التخلص منه بعد تحقق الأهداف المرجوة منه.., ثم إنشاء تنظيم جديد وهكذا.

تنظيم القاعدة
من أهم الأمثلة على تلك العمليات تنظيم القاعدة الذى تمت صناعته تحت أعين المخابرات الأمريكية حيث وصلت مجموعات من المجاهدين على رأسهم بن لادن إلى أفغانستان من خلال باكستان , وتم تجميع المغيبين من جميع الدول العربية فى باكستان تحت رعاية الجنرال الراحل ضياء الحق وذلك لمحاربة الروس لحساب الأمريكان تحت إسم الجهاد , دون أن تخسر امريكا جندى واحد .
 بعد إنتصار المجاهدين المدعومين أمريكياً تمت تهيئة الأرض للإحتلال الأمريكى ووضع حكومة عميلة موالية له فى أفغانستان , هنا كان لابد من التخلص من التنظيم بعد إنتهاء مهمته حيث تم إختراقه وتوجيهه  فى أحداث 11سبتمبر 2001 , ليصبح مسمار جحا الذى جاء بالأمريكيين إلى أفغانستان, وبذلك تنتهى مهمته التى خلق من أجلها.
وأخيراً كان لابد التخلص من رأس التنظيم وهو بن لادن, وهو ما أعلنته قناة الجزيرة بنشر تفاصيل إغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على أيدي قوات خاصة أميركية فى 2 مايوعام 2011،حيث ذكرت أن أربع طائرات شبح من طراز بلاك هوك وتشينوكس إنطلقت من قاعدة أميركية في مدينة جلال آباد الأفغانية، لتصل إلى مجمع أبت آباد حيث يقيم بن لادن بعد منتصف الليل بربع ساعة أو نصفها ومن فوق المجمع، نزل جنود على الأحبال المتدلية من الطائرة، بعضهم اتجه نحو مباني المجمع، والآخرون شكلوا طوقا عليه لمنع السكان من الوصول إليه , لتتم عملية الإغتيال بنجاح.
الغريب فى الأمر هو مقتل الجنود الذين قاموا بعملية الإغتيال نفسها بعد ذلك وهو ما ناقشته وسائل إعلام أمريكية وغربية عديدة , وهو ما يجعل من عملية الإغتيال لغزاً محيراً – إذا صحت تلك المعلومات فى الأساس- أى أنه تم دفن جميع أسرار تلك العملية مع الجنود الذين تم التخلص منهم.

وهنا ينبغى أن ننتبه إلى نقطة هامة فى غاية الخطورة وهى أن بن لادن نفسه لم يقابله أحد أو يسمع عنه احد سوى من وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبل أجهزة المخابرات , أى أن اللعبة كلها مخابراتية فى الأساس, ومايظهر فى الإعلام هو مايريدوننا معرفته فقط, وقد تكون الحقيقية غير ذلك مطلقاً وهو ما أكده  نفى الصحفي الأمريكي سيمور هرش في مقالة بعنوان " التاريخ البديل للحرب على الإرهاب" " نشرها موقع "London Review of Books" والتى نفى فيها من الأساس حصول عملية أمريكية خاصة في الأساس للقضاء على زعيم تنظيم القاعدة السابق.

وأكد هرش أن بن لادن كان محتجزا لدى الاستخبارات الباكستانية منذ عام 2006 وأنه قتل عام 2011 بعد أن كشف أحد مسؤولي الاستخبارات الباكستانية مكانه للأمريكيين مقابل الحصول على مكافأة قدرها 25 مليون دولار، مكذبا بذلك تصريحات الإدارة الأمريكية التي قالت فيها إن تحديد مكان اختباء بن لادن تم عن طريق اقتفاء أثر مبعوث خاص له.

تنظيم داعش
بعد إستنفاذ القاعدة لما هو مطلوب منه كان لابد من ظهور تنظيم جديد أكثر وحشية ليساعد أمريكا فى تحطيم سوريا وليبيا بعد العراق لحساب إسرائيل , فظهر إلى الوجود ما يسمى بتنظيم داعش وهو يضم بقايا من أفراد القاعدة .
 كانت البداية مع ظهور تنظيم داعش  لأول مرة فى وسائل الإعلام عام 2012 فى إطار الحرب على سوريا على الرغم من بدء تكوينها منذ عام 2006 مع بعض الجماعات الأخرى المتشددة , ولكى يتم تنفيذ المخطط الجديد للتدخل العسكرى فى الشرق الأوسط كان لابد من حدوث عمليات قتل ممنهجة يتم فيها إختيار الضحايا بشكل مختلف عن السابق , ومثلما كان لتنظيم القاعدة زعيم يدعى بن لادن وله صف ثانى يتخذ قرارات ببعض العمليات الإرهابية , جاء التنظيم الجديد بزعيمه أبو بكر البغدادى صناعة أمريكية بإمتياز وتمت تهيئته فى السجون الأمريكية , وكذلك الحال بالنسبة للقتلة الذين خضعوا لعمليات غسيل الدماغ مثل محمد الموازى المعروف إعلاميا ب"جون السفاح".
وكما هو متبع بعد صناعة التنظيم وأشخاصه كان لابد من توجيهه إعلامياً وبيان مدى توحشه وهو ما ظهر فى الحوادث التى إرتكبها جون السفاح ضد ضحايا أمريكيون وأوروبيون وغيرهم والتى تم تصويرها سينمائياً وتسويقها فى الإعلام لتؤهل الشعوب الغربية للخطوة التالية وهى قدوم أساطيل حلف الناتو للمنطقة العربية بشكل رسمى , إلا أنه بقيت  خطوة صغيرة لتكتمل الخطة.
مثلما ذهبت القوات الأمريكية إلى أفغانستان لمحاربة بن لادن وجاءت الأساطيل الغربية إلى العراق لمحاربة صدام,كان لابد من وجود زعيم إرهابى فى ليبيا  لكى يتحرك حلف الناتو إلى هناك وهنا ظهر خبر مقصود فى جريدة ديلى ميل البريطانية يقول أن أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي، سافر إلى مدينة سرت بليبيا، وذلك عقب تضييق الخناق عليه من قبل قوات التحالف التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت مصادر أمنية للصحيفة: إن "البغدادي دخل تركيا للعلاج بعد إصابته بجراح خطيرة في غارة جوية سنتها القوات الجوية العراقية على موكبه في محافظة الأنبار غرب البلاد.".
وأضافت أنه في البداية تم نقل البغدادي إلى الرقة السورية، حيث أنقذ الأطباء حياته ولكن نقص الإمكانيات الطبية، أجبره على الانتقال إلى تركيا لاستكمال علاجه هناك.
وبتحليل ذلك الخبر السينمائى نجد أنه أقرب إلى الخيال, فكيف لإرهابى مطلوب من دول العالم أن يتحرك بكل تلك الحرية مابين معقل التنظيم فى سوريا الذى يضرب يومياً وبين تركيا , ثم يستقر به الحال فى ليبيا !
ولتكتمل المنظومة المخابراتية كان لابد من إنهاء دور محمد الموازى المعروف بجون السفاح , ليسدل الستار على مرحلة الإعداد لغزو ليبيا , حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون مساء الخميس 12 نوفمبر 2015 مقتل المدعو محمد الموازي والمعروف بـ"جون" السفاح في غارة جوية شنتها قواتها علي محافظة الرقة شمال وسط سوريا .
وحتى إذا سلمنا بصحة تلك لأخبار , فهناك عدة سئلة تحتاج إلى إجابة,كيف تم حديد موقعه بتلك السهولة دخل العمق السورى؟..و لماذا تم القضاء عليه فى هذا التوقيت بالذات وهل لذلك علاقة بالضربات الروسية وخوف الأمريكيين من وقوع جون السفاح فى الأسر بعد تقدم الجيش السورى على الأرض خاصة إذا تم القبض  عليه وإستجوابه.., وما دام تم تحديد مكانه والقضاء عليه بسهولة , لماذا لم يحدث ذلك الأمر مع أبو بكر البغدادى وتركه يهرب إلى ليبيا؟
وأخيراً...بعدما إنتهى دور تنظيم القاعدة بدخول أمريكا لأفغانستان والعراق, ثم سوف تنتهى مهمة داعش بدخول أمريكا وحلفاؤها فى سوريا و ليبيا ليصبح الدورالقادم مع تنظيم جديد يتم إختراعه ليحاول الأعداء تكرار نفس السيناريو مع مصر , إلا أن العواقب التى لم يحسبونها سوف تكون وخيمة عليهم لأن القدر سوف يكون له شأناً آخر سوف تظهر آثاره فى الأيام القادمة بإذن الله.