عددالزائرين الان

الأربعاء، 9 أبريل 2025

ليان من تحت الركام

 "ليان من تحت الركام"


في قلب مدينة غزة، حيث تتناثر الذكريات وتختلط الآهات مع أنين القصف، كانت "ليان" طفلة في السابعة من عمرها، ذات عيون بريئة حلمت يوماً أن تذهب إلى المدرسة، وتلعب مع أقرانها دون خوف أو دمار. ولكن، في أحد الأيام القاسية، انهار منزلها بفعل قصف جوي شديد، ودفنت تحت الركام.


كانت الساعة تدق السابعة مساءً عندما وقع الانفجار الكبير، فُتح الحلم أمام عيني ليان، لكن سرعان ما سقطت الجدران عليها، وتكاثف الغبار حولها، بينما كان الصوت الوحيد الذي يسمعه قلبها هو دقات قلبها الذي يعبر عن الأمل في الحياة.


لكن ليان كانت محاطة بالظلام، كانت تنادي:

– أمي... أبي... أين أنتم؟

لكن لم يكن هناك إجابة، فقط صمت ثقيل. اختلطت أصواتها مع أصداء الغارات، وأصوات الدمار، وظلت تحت الأنقاض تنتظر يدًا تمتد لها.


مرت ساعات، ثم أيام، وليان بين الركام. ولكن لم تكن يد أحد من العرب تمتد لإنقاذها، رغم أن نداءاتها كانت تصل إلى أسماع العالم. بدأت وسائل الإعلام العربية تنشر الأخبار، وتعرض الصور المأساوية، والجميع يتحدث عن "مجزرة غزة" ويشجب ويستنكر. لكن الحروف لم تتحول إلى أفعال.


وفي الزمان الذي كان فيه الزعماء يجتمعون في مؤتمرات "طارئة"، كانوا يكتفون بعبارات مثل: "نحن معكم" و "نتابع الأوضاع". لكن الواقع كان مختلفًا في غزة، حيث كانت ليان تنتظر المساعدة، وسط الركام والدماء.


حتى جاء اليوم الذي انتهى فيه الأمل، بعد أن مرّت أيام طويلة. في صباح يوم مشرق، خرجت مجموعة من المتطوعين، وسط دوي القصف، تبحث بين الأنقاض، وعثروا على ليان. كانت الصغيرة قد فقدت الوعي، جسدها منهك، ووجهها شاحب، لكنها كانت على قيد الحياة.


تُركت هناك، في قلب هذا الجحيم، ولم ينقضّ أحد من العرب إلا عبر الكلمات. لم يمتد لهم يد لإنقاذها إلا عبر التنديد والصراخ عبر شاشات التلفاز. لكن ليان، رغم كل شيء، تمسكت بالحياة، تمسكت بالأمل، وعرفت أن هذا الخذلان لم يكن خيارًا لها، بل كان خيارًا لأولئك الذين استمروا في الحديث دون أن يتحركوا.


نقلت ليان إلى مستشفى ميداني حيث بدأ الأطباء في علاج جراحها، وفي تلك اللحظة فقط أدركت أن صوت العرب كان يتردد في الهواء ولكن أفعالهم كانت غائبة. وكان على ليان أن تتعلم درسًا مريرًا؛ أن غزة رغم الظلام الذي يغمرها، تبقى تحمل شعلة الأمل الذي لا يمكن أن يُطفأ.


القصص تتنوع، لكن الحقيقة واحدة: هناك أبطال في غزة، أطفال مثل ليان، لا يُسكتهم صمت أحد. إنهم سيكبرون، وسيحكون للعالم كله عن "خذلان العرب"، لكنهم لن ينسوا أبدًا من دعمهم في الأوقات الصعبة.


ليان اليوم، رغم كل ما مرّت به، أصبحت رمزًا للأمل في غزة، وتُعلمنا جميعًا أن الصمت ليس خيارًا حينما يكون الحديث عن إنقاذ حياة.