عددالزائرين الان

الجمعة، 7 نوفمبر 2014

"الإخلاء" .. واجب وطنى من أجل استقرار الدولة

تحريك سكان رفح الذي يتم حاليا الي مسافة 500 متر والذي اتخذته الحكومة مؤخرا ضمن إجراءات أخري، أبرزها إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر كان لابد من اتخاذه وإن تأخر القرار كثيرا لحماية الأمن القومي لمصر بعد دخول معركة الإرهاب مرحلة الحسم إثر العملية الإرهابية الأخيرة في كرم القواديس بالشيخ زويد والتي راح ضحيتها 60 جنديا بين قتيل ومصاب، وتبين وجود 1880 نفقا علي الحدود يستخدمها الإرهابيون لتهريب الأسلحة الي سيناء وقد أيد مفتي الجمهورية القرار وأجاز إخلاء منطقة رفح من سكانها بعد تعويضهم.
وأعاد تحريك سكان رفح الي الذاكرة هجرة أبناء النوبة أربع مرات من أرض الأجداد الي أراض أخري بديلة داخلية وإلي كوم إمبو وأسوان، من أجل إقامة بحيرة ناصر وإنشاء السد العالي وحماية مصر من الفيضان وزيادة أراضي مصر الزراعية الي 2٫8 مليون فدان، وخلال رحلات هجراتهم كشف النوبيون الملقبون بـ«حراس النيل»، الرئيس الأسبق محمد نجيب وأحبوا عبدالناصر والسادات في حين تجاهلهم مبارك، ومرسي أغضبهم والسيسي أنصفهم حين قرر إعادتهم الي أراضيهم الأصلية التي تم تهجيرهم منها.
بخلاف النوبة هناك هجرة أهالي مدن القناة «السويس والإسماعيلية وبورسعيد» الي مختلف محافظات الدلتا والصعيد طوال أكثر من 7 سنوات من 1967 الي 1974، حيث عاش أبناء تلك المدن أياما قاسية في الغربة واضطروا أحيانا الي السكن في المدارس والملاجئ وأعانتهم الدولة بـ6 جنيهات للأسرة الواحدة وكان سلاحهم في الغربة أغاني السمسمية لإزكاء روح المقاومة والصمود للثأر من العدو الإسرائيلي فيما بعد.
إخلاء السكان ليست ظاهرة محلية تقتصر علي مصر فقط بلا ظاهرة عالمية تنتشر في العديد من الدول لعدة أسباب أهمها الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والكوارث البشرية مثل الحروب والنزاعات الأهلية أو الهجرة بسبب الأوبئة والأمراض كما يحدث في الصومال والسودان ويكفي أن نذكر هجرة 300 ألف سوري في السنوات الأخيرة بعد الثورة علي بشار الأسد وهجرة 100 ألف في ليبيا كما تسبب الاحتلال الفرنسي للجزائر في تهجير 2٫5 مليون جزائري من القاطنين بالمناطق الريفية


أهالى رفح تنازلو طواعية عن ممتلكاتهم من أجل أمن مصر القومى

أهالى رفح تنازلو طواعية عن ممتلكاتهم من أجل أمن مصر القومى
وسط أصوات القذائف ولهيب الحياة علي الحدود - أهم مصادر الخطر علي مصر - يعيش سكان الشريط الحدودي برفح، وبعد تكرار العمليات الإرهابية في سيناء وجد هؤلاء  أنفسهم مطالبين بالانتقال الي أماكن أخري فبعد أن حولت الأنفاق سيناء الي قطعة من الجحيم كان لابد من موقف حاسم تجاهها،
وبعد أن سكن الإرهابيون جحور سيناء وراحوا يتسللون منها ليخطفوا زهرة شباب جنودنا، قررت الحكومة فرض حالة الطوارئ في هدم المنطقة لمد 3 أشهر، ونقل الأهالي المقيمين علي الشريط الحدودي مقابل التعويض المادي، ولكن الأعداء المتربصين بمصر ملأوا الدنيا ضجيجا بأن ما يحدث تهجير قسرة لأهالي سيناء إلا أن الواقع غير ذلك فهي عملية نقل للسكان من مسرح الأحداث الي مكان أكثر أمنا حماية لهم وهو يشبه الي حد كبير ما يحدث عند نزع ملكية الأفراد لإقامة طريق أو ما شابه ذلك للمنفعة العامة.
سيناء في خطر بل مصر كلها في خطر هذا ما أكدته الأحداث الأخيرة فبعد انتهاء حكم الإخوان الي غير رجعة، لم يجد الإرهابيون وأعوانهم سوي سيناء ملاذا لهم ولم لا وقد كانت هي المقر المختار لإقامة أول إمارة إسلامية وخلال فترة حكمهم فتحوها علي مصراعيها للإرهابيين من كل حدب وصوب. كما انتشر حفر الأنفاق التي يرجح البعض أن عددها قد يصل الي 1800 نفق، دمر الجيش منها حوالي 1300 حتي الآن، وكانت الأنفاق تستخدم لتهريب السلع والسيارات والبضائع والأسلحة والذخائر والإرهابيين من سيناء الي غزة ورغم الحرب التي تشنها القوات المسلحة علي الإرهاب في سيناء منذ أشهر طويلة، فإن ضربات الإرهابيين الموجعة مازالت تتوالي لتغتال جنودنا البواسل الرابضين لحماية الحدود، ومن هنا كان لابد من توسيع العمليات العسكرية، فمصر في حرب حقيقية ضد هذا الإرهاب الغادر، وبعد العملية الإرهابية الأخيرة التي راح ضحيتها 60 جنديا بين قتيل ومصاب في سيناء قررت الحكومة فرض حظر التجوال في المنطقة لمدة 3 أشهر وإخلاء المنازل علي الشريط الحدودي  بطول 500 متر وهو القرار الذي اختلف الكثيرون حوله، أهالي المنطقة التي يوجد بها ما يقرب من 802 منزل وجدوا أنفسهم فجأة مطالبين بإخلاء المنازل فورا، وهو ما اعترضوا عليه مؤكدين أنهم ليسوا ضد مصلحة الوطن ولابد من منحهم فرصة لإيجاد سكن بديل ثم قررت الحكومة دفع تعويض مادي مجزٍ لأصحاب المنازل باستثناء التي توجد فيها أنفاق وتم تدمير حوالي 180 منزلا ورصدت الحكومة للتعويض مبلغ مليار جنيه حيث تقدر قيمة التعويض بـ1200 جنيه للمتر المربع بالنسبة للمباني الخرسانية و700 جنيه للمتر للمباني المقامة علي حوائط حاملة يضاف اليها 100 جنيه كقيمة تعويضية لكل متر من الأرض المقام عليها المبني، بالإضافة الي 900 جنيه لكل أسرة لتدبير مسكن مؤقت مدة 3 أشهر حتي تقوم المحافظة بتوفير مساكن بديلة لهم وأكد اللواء عبدالفتاح حرحور محافظ شمال سيناء في تصريحات أن 65٪ من سكان المنطقة وافقوا علي الحصول علي مبالغ مالية كتعوض عن المباني والأرض، بينما طالب 29٪ من السكان بمساكن بديلة أو توفير قطعة أرض في العريش بينما اعترض 2٪ علي الذهاب الي منطقة النباتات الطبية التي حددتها المحافظة لنقلهم ورغم تأكيدات الأهالي مرارا وتكرارا أنهم غير معترضين علي قرار النقل فإن أعداء الوطن بدأ يستغلون القضية للإساءة الي مصر بحجة تهجير أهالي منطقة رفح قسريا وهو ما اعترض عليه الكثيرون حيث عرف الحقوقي حافظ أبوسعدة المحامي ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التهجير القسري بأنه ممارسة تقوم بها الحكومة أو أي جهة أري بهدف إخلاء منطقة من سكانها لأسباب تتعلق بالجنس أو الدين، أو العرق أو اللون وإحلال سكان آخرين مكانهم وهذا لم يحدث في سيناء وما يحدث فيها مجرد تحريك للسكان.

مجرد فرصة
ورغم اعتراض بعض النشطاء السيناويين علي طريقة التنفيذ فإنهم لم يعترضوا علي قرار الإخلاء نفسه، ومنهم الناشطة مني برهوم التي أكدت أن المشكلة في طريقة تنفيذ القرار حيث لم يمنح السكان فرصة لتدبير أمورهم إنما تم إنذارهم بإخلاء المساكن في صباح اليوم التالي وأشارت عبر حسابها علي «الفيس بوك» الي أن أهالي منطقة الحدود يدفعون اليوم فواتير التهميش والعزلة وتجاهل تنمية سيناء طوال الأعوام الماضية.

حرب إعلامية
وبسبب هذه الحرب الإعلامية التي شنتها بعض القنوات المأجورة ضد مصر بل إن بعضهم ذهب الي القول بأن تهجير أهالي الشريط الحدودي حرام أصدر الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية فتوي أجاز فيها عملية نقل المواطنين المقيمين في هذه المنطقة الي أمان أكثر أمنا بعيدا عن التغييرات والممارسات الإرهابية وأكد أن الإخلاء يجوز بسبب الضرر الذي يهدد الوطن وأهالي المنطقة وقال إن ردء المفاسد مقدم علي جلب المنافع وأن دفع الضرر العام مقدم علي الضرر الخاص، وأكد أن الدولة لابد أن تلتزم بعدد من الضوابط في عملية النقل وهي إيواء المنقولين في أماكن لا تقل عن الأماكن التي كانوا يعيشون فيها، وإمدادهم بأساسات الحياة من مطعم ومشرب وملبس وتعليم وصحة وخدمات ومنحهم التعويضات المالية التي تناسب مغادرتهم أماكنهم وطالب الجميع بالتعاون مع الدولة وأجهزتها لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.

إجراء قانوني
ومن الناحية القانونية أوضح الدكتور عادل عامر أستاذ القانون العام ومدير المركز المصري للدراسات القانونية أن هناك فرقا بين التهجير القسري وتحريك السكان لدواعي الأمن القوي، وهذا ما حدث في سيناء فهو تحريك للسكان وليس تهجيرا،  فقد نص الدستور في المادة 64 علي حظر التهجير القسري للسكان أما ما يحدث في سيناء فهو تحريك بدليل أن من يتركون منازلهم يحصلون علي تعويض مادي وهذا لا يحدث في حالة التهجير القسري وأكد أن ما تقوم به الحكومة والقوات المسلحة أمر قانوني حيث يتم نقل السكان داخل حدود الدولة ومنحهم تعويضات مادية أسوة بما يحدث عند نقل أي سكان آخرين لإنشاء طريق أو مشروع وهذه القواعد يحددها قانون نزع الملكية، الذي يلزم الدولة بدفع تعويضات للمواطنين مقابل نزع ملكية أراضيهم أو منازلهم بسعر السوق الذي تحدده الحالة الراهنة وللمواطن الحق في الطعن علي قرار الحكومة أمام لجان الطعن والحصول علي تعويض أكبر إذا رأت اللجنة ذلك.

إجراء متأخر
منذ أكثر من عام وسيناء ساحة حرب وفي حالة الحروب والكوارث الطبيعية عادة ما يتم نقل السان الي أماكن أكثر أمنا ولكن في حالة سيناء، فبالإضافة الي أن نقل السكان ضرورة لأمنهم فهو أيضا ضرورة لأمن مصر القومي فهذه المنطقة كانت مرتعا للفاسدين الذين قاموا بإنشاء أنفاق بين مصر وقطاع غزة استغلها الإرهابيون منذ سنوات لتهريب الأسلحة الي سيناء وكان لابد من تدميرها للقضاء علي الإرهاب الذي يرتفع فيها ويري اللواء محمد رشاد الخبير الاستراتيجي أن عملية نقل سكان الشريط الحدودي، تأخرت كثيرا فقد طالبنا بذلك منذ شهر يوليو 2013 حتي يمكن السيطرة علي الحدود وللقضاء علي كارثة الأنفاق التي لن تتعافي سيناء بدون إغلاقها وتدميرها وأضاف أنه لابد من إنشاء منطقة عازلة علي الحدود وإخلائها من السكان لمنع التداخل بين السان والعسكريين وهدم المباني الموجودة في هذه المنطقة والتي قد يختبئ فيها الإرهابيون وعادة ما تنشأ الأنفاق أسفلها خاصة أن وجود المنازل في هذه المنطقة يحول الحرب ضد الإرهاب الي حرب عصابات وهو ما لا تعرفه القوات المسلحة، التي اعتادت في حروبها علي التعامل مع عدو واضح في ساحات مفتوحة للقتال ومن هنا لابد أن تكون منطقة الحدود مفتوحة حتي يمكن السيطرة عليها ورفض اللواء رشاد فكرة إنشاء قناة مائية علي الحدود، مشيرا الي أن المنطقة العازلة المكشوفة كافية بوجود تجهيزات هندسية وموانع وألغام وأسلاك شائكة علي أن تكون مغطاة بالنيران بحيث لا يستطيع أحد المرور منها وعند محاولة أحد اقتحامها يمكن التعامل معه بسهولة وأضاف أن القوات المسلحة قررت التدرج في إنشاء هذه المنطقة العازلة بدأت بـ300 متر ولكن وفقا للقانون يجب ألا تقل المنطقة العازلة لمسافة 5 كيلو مترات ولكن القوات المسلحة قررت التدرج في نقل السكان لعدم الإضرار بهم.

 سكان القناة هاجروا من بيوتهم ودعموا الجيش فى 3 حروب

سكان القناة هاجروا من بيوتهم ودعموا الجيش فى 3 حروب
الحادث الإرهابى الذي وقع فى كمية «كرم القواديس»، وراح ضحيته أكثر من 30 جندياً والذي على أثره قرر مجلس الدفاع الوطنى إخلاء الشريط الحدودى بسيناء وبالتحديد رفح والشيخ زويد من السكان وإقامة منطقة عازلة بعمق 500 متر بين غزة ومصر
.. أعاد من جديد للأذهان ذكريات معاناة وويلات العدوان الثلاثى عام 1956 وكذلك نكسة 67 خاصة بعد هزيمة الجيش المصرى، حيث اضطرت الدولة لتحريك سكان مدن القناة الثلاث من جديد «السويس والإسماعيلية وبورسعيد» لإعداد الجبهة للقتال والبدء في شن حرب الاستنزاف، فتم نزوح قرابة مليون شخص إلى مدن الدلتا والقاهرة والصعيد وحتي لا يكونوا رهائن تحت قبضة طيران العدو.. ولم يكن التهجير أزمة لدي الأهالى فدوماً كانوا ولا يزالون يلبون نداء الوطن عند الحاجة، بل هاجر البعض وظل آخرون يقاومون العدو جنباً إلي جنب مع رجال القوات المسلحة. وسجل التاريخ بطولات نادرة بحروف من نور!.. ولأن الانتماء ليس شعاراً ولكنه ممارسة فعلية من المواطن تجاه الوطن.. كانت السطور القادمة عن بواسل مدن القناة الذين ضربوا أفضل الأمثلة على النضال ضد المحتل والتي لابد أن تظل حية في ذاكرة الأجيال القادمة لتعلمها معني الوطنية والانتماء.
< أولى عمليات إخلاء مدن القناة جاءت أثناء المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى عام 56 وقتها كانت تقصف مدن السويس وبورسعيد من الجو والبحر، ومن ثم وضعت خطة لتهجير الشيوخ والنساء والأطفال، وظل الشباب والرجال للدفاع عن بورسعيد إلي أن انتهت هذه المرحلة بعودة السكان لمدنهم في مارس 1957 ثم جاءت نكسة 67 لتشهد أكبر عملية تهجير في مدن القناة، قرر وقتها عدد المهجرين في الفترة من يونيو 1967 إلي عودة السكان عام 1973 بنحو مليون مواطن. ويذكر أن التحريك في بادئ الأمر كان اختيارياً خصوصاً لأصحاب الأعمال الحرة إلي أن أعد اللواء محمد فريد طولان محافظ بورسعيد في ذلك الوقت خطة لإخلاء الأهالى إذا اقتضى الأمر وبالفعل في عام 1968 أصدرت القيادة في مصر قراراً بتحريك أهالي القناة ولكن باستثناء نسبة بسيطة أطلق عليهم لقب المستبقون بهدف مشاركة الجيش التضحيات والمقاومة ولكن من خلال أعمالهم وحرفهم التي يجيدونها، وبالفعل تم توزيع السكان على 14 محافظة في دلتا مصر على رأسها المنصورة ودمياط وتحولت رأس البر إلي بورسعيد صغيرة للدرجة التي جعلت السلطات المصرية وقتها تعين اللواء محمد فريد محافظاً لدمياط من أجل رعاية أهالى بورسعيد وقتها كانت الحكومة تصرف للمهجرين إعانات مالية.
< وتجربة التحريك التي عاشتها محافظات القناة الثلاث -فريدة- فقد كان عشرات الآلاف من سكان هذه المدن الباسلة هدفاً دائماً للقوات المعتدية ونقطة ضعف دائمة للجبهة المصرية فكان القرار الصعب بالتهجير الإجبارى، فترك الأهالى بيوتهم لمدة تجاوزت 7 سنوات وعاشوا في محافظات مثل القاهرة والشرقية، بينما ظل البعض ليشارك في ملحمة المقاومة الشعبية الباسلة، أطفال وشباب عندما تلقوا نبأ النكسة علي وجه الخصوص حينما رأوا بأعينهم الطائرات الإسرائيلية وهي تغير علي شوارعهم وبيوتهم وعندما يخرج هؤلاء الصبية والشباب بحثاً عن سلاح المقاومة الذي حمله آباؤهم وأجدادهم في 1956، فكانت صفعة التهجير، فكيف يتركون مدن القناة وهم أبناء مدن باسلة صمدت أمام قوات الإنجليز والفرنسيين واليهود أثناء العدوان الثلاثى، ولكنهم قبلوا التهجير من أجل مصلحة الوطن!
< فبورسعيد علي سبيل المثال وكما يروى ضياء القاضى مؤرخ بورسعيدى، التهجير كان قرر أهالينا في 3 حروب بدءاً من تهجير سنة 1944 أثناء الحرب العالمية الثانية وتكرر التهجير أثناء المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى 1956 وتهجير 67، بدأ اختيارياً ثم إجبارياً وبالفعل تم تشتيت الأسر التي بلغ عددها في بورسعيد 43 ألفاً و806 أسر، وبلغ عدد المهجرين 233 ألفاً و441 فرداً وتم توزيعهم علي 14 محافظة وكان المهجرون يحصلون علي إعانة 6 جنيهات شهرياً ولم تكن كافية، ولذلك كان أغلب المهجرين يعملون في الميناء وكان مكسبهم 100 جنيه في اليوم الواحد، لذلك كانت فترة صعبة علي الجميع ووقتها كان الجيش يتراشق بشراسة مع جيش اليهود من أجل تأمين المهجرين حتي لا يغير عليهم العدو وقتها أخذت إسرائيل موقف المدافع وظلوا داخل الخنادق.
< ومن بورسعيد لـ«السويس» أرض المقاومة والبطولة، إحدي مدن القناة التي تعرضت للتدمير خلال النكسة واضطر أهلها إلي الرحيل منها ظناً أنها أيام وسيعودون بعدها لموطنهم، إلا أن المدينة والتي كان يقطنها أكثر من 400 ألف مواطن خلت تماماً بعد التهجير الإجبارى ولم يتبق سوي بضعة آلاف أجبرتهم ظروف العمل والمعيشة علي البقاء تحت القصف وانتظار الموت في أي لحظة مع ضرب جيش اليهود شركات البترول التي خيمت فوقها غمامة سوداء لمدة 7 أيام أصبحت معها النهار كالليل في سواده وظلمته، فقد قام اليهود بقصف المدينة الباسلة عشوائياً وقتلوا الآلاف ودمروا البيوت وكان هدفهم هو كسر الإرادة الوطنية ولكنها لم تنكسر إذ تمسك أهل السويس بالأرض ونجحوا في مقاومة وصد هذا العدوان الغاشم جنباً إلي جنب مع الجيش المصرى.

مسرحاً للتغيرات
مدن القناة من أكثر المدن المصرية التي تضررت من العدوان الثلاثي وما بعدها في الحروب مع إسرائيل من 67 حتي 73 والذي شهد قراراً ثانياً بالتهجير لأهالي مدن القناة، ولقد كان قراراً مأساوياً في تطبيقه كما وصفه البعض، حيث نزحت الأسر والعائلات في سيارات النقل والقطارات تاركين وراءهم ديارهم وهم لا يدرون متي ستكون عودتهم، بعدما أحاط بهم المجهول غير أنهم كانوا يقبلون التضحية بعدم الاستقرار من أجل مصلحة الوطن.
< ولذلك وكما يقول الدكتور أحمد يحيي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس، إنه مع العدوان الثلاثى علي مصر كانت البلاد مسرحاً كبيراً لتغيرات اجتماعية واسعة المدى ومن ثم مجالاً لنشوء علاقات إنسانية مهمة وأيضاً مجالاً لتبادل خبرات اجتماعية غير مسبوقة ومن ثم كانت ظاهرة الهجرة الداخلية جزءاً رئيسيًا من التحولات ومن ثم عاني أهالي مدن القناة من ظلم الاحتلال والتهجير ولكن انتماءهم للوطن مصر ومصلحته العليا غلبت علي مصالحهم واستقرارهم فتعايشوا في المدارس وفي الأماكن العامة التي وفرتها الدولة لهم واعتادوا علي نمط حياة مختلف عن حياتهم الأصلية، فبسبب قلة الموارد أصبح كل خمسة أسر يعيشون في منزل واحد مما وفرته الدولة لهم أو الأقارب والمعارف عندما أصبحت كل أسرة تعيش في مجرة خاصة فقط تحفظ فيها ما تيسر من أغراضها الخاصة، بينما الصالة بالمنزل الواحد مشاعاً لنحو ثلاثين فرداً من مراحل عمرية مختلفة. وكان الرضا بالأوضاع هو العنوان الكبير للجميع رفعاً للمصلحة العليا.

الضرورة الأمنية
الكاتب الصحفي عباس الطرابيلى، أكد أن الضرورة الأمنية هي ما تجمع بين عمليات التهجير القديمة والحديثة حتي لا يتعرض السكان إلي أى عمليات عسكرية انتقامية أو سقوط ضحايا لهذه العمليات وفيما مضى كان التهجير لأبناء القناة ضرورة عسكرية لأن العدو الإسرائيلى كان يعمد لضرب السكان والمدن والقرى انتقاماً من أي عملية عسكرية كان يمكن أن يقوم بها الجيش المصرى خلال حرب الاستنزاف وحرب تحرير سيناء. وكانت عملية جيدة وإن شابها الكثير من السلبيات، فإذا كانت مصر وقتها تولت إعاشة ونقل سكان مدن القناة من السويس إلي بورسعيد، كما أنها كانت تدفع مرتبات شهرية للمهجرين فمن هذه السلبيات عدم توافر أماكن إيواء جيدة، فكانت الإدارة تقوم بتسكين المهجرين في الفصول والمدارس والملاجئ والخنادق في المدن البعيدة عن العمليات العسكرية ونتج عن ذلك عدم اكتمال العملية التعليمية للكثيرين من أبناء هؤلاء المهجرين. وكان يتم إسكان العائلات بالجملة في فصل دراسي واحد ونتج عن ذلك مشاكل إنسانية مازال يتذكرها الذين عاشوها واستمرت عملية التهجير إلى ما بعد نهاية تلك العمليات العسكرية، إلي أن سمحت الظروف بعودة المهجرين إلي مدنهم واختار البعض البقاء في مكانه الجديد بعدما تكيف مع الأوضاع وتأقلم مع الأهالي وأصبحت فيما بينهم معاملات وتعاملات اجتماعية واقتصادية.
< ولذلك وكما يقول «الطرابيلى» المصلحة الوطنية والقومية يجب أن تكون العليا، ومن جميع الجوانب وعند كل الأطراف وإخلاء الشريط الحدودى بين مصر وغزة والذى سيصل لـ14 كيلو متراً سيتكلف حوالي مليار جنيه ويمثل عبئاً كبيراً علي الموازنة العامة للدولة سيترتب علي ذلك مشاكل عديدة سوف تنشأ بتهجير سكان الشريط الحدودى سواء كانوا مهجرين سوف يقيمون في منازل جديدة أو بديلة، إلا أن المشكلة تكمن في عدم توافر المساكن البديلة لهؤلاء السكان، كذلك يختلف تهجير سكان مدن القناة عما يحدث بسيناء الآن، إذ إن أهالي وسكان مدن القناة نقلوا لمحافظات مختلفة في الدلتا والصعيد بينما سكان الشريط الحدودي قد تكون معاناتهم أكثر من وجهة نظر البعض، وآخرون يرونها أقل حدة مما حدث من تهجير لأهالى مدن القناة والذين لم يعوضوا كأهالي سيناء ولم تخرج مساعدة الدولة لكل أسرة عن جنيهات قليلة كإعانة شهرية، فسكان سيناء والشريط الحدودى حياتهم مختلفة تماماً عن المناطق الجديدة والسبب عدم توافر أماكن الإيواء والمدارس والعيادات والأسواق وغيرها، وعموماً فالجميع من المهجرين عانوا كثيراً مهما اختلف شكل وحدة ومعاناة هذا التهجير!

المعدن - الأصيل
< اللواء أحمد عبدالحليم يري أن الحادث الإرهابى الأخير بكرم القواديس وغيره من العمليات الإرهابية أكد من جديد علي إدراك المصريين لمعني الانتماء للوطن والتضحية في سبيله بالغالى والنفيس، علاوة علي دقه من جديد ناقوس الخطر بضرورة التكاتف معاً علي قلب رجل واحد خلف القيادة السياسية في وجه كل المخططات الإرهابية في الخارج قبل الداخل والتي تسعي لهدم كيان الوطن «مصر» والتي دائماً ما تظهر الشدائد معدن شعبها الأصيل كما سبق وكشف تهجير مدن القناة وغيرها مع اختلاف أسباب ودواعى الإخلاء، ولذلك جاءت الاستجابة السريعة لأهالى سيناء في إخلاء الشريط الحدودى لإيمانهم بأنه إخلاء أو تهجير لضرورة قومية وأن محاربة إرهاب الجماعات المتأسلمة أشد خطراً من محاربة العدو الإسرائيلى فيما مضى ولايزال ومن هنا كانت سرعة الاستجابة لقرار مجلس الدفاع الوطنى بإخلاء الشريط الحدودى وإقامة منطقة عازلة بين قطاع غزة ومصر وتصدير الإرهاب والإرهابيين طوال الفترة الماضية مما يستلزم معها وكما قال الرئيس السيسي: لابد من القضاء علي مشكلة الإرهاب والإرهابيين من جذورها.


السمسمية والطنبور
لعبت الفنون التراثية دوراً بارزاً كان بمثابة الظهير للمقاومة الشعبية علي طول خط النار لأهالى وسكان مدن القناة، وعلي رأس تلك الفنون الغنائية «السمسمية» التي تعد أحد أدوات وابتكارات السوايسة والبورسعيدية والإسماعيلاوية في مقاومة العدو الإسرائيلى.. و«السمسمية» وصلت إلي مدن القناة عن طريق النوبيين الذين عملوا في حفر قناة السويس والتي تطورت فيما بعد إلي آلة الطنبور النوبية الحالية.. والسمسمية علبة من الخشب أو قصعة أو طبق صاج مشدود عليه جلد رقيق ولها ذراعان متباعدتان يطلق عليهم المداد تربطهما ذراع ثالثة علي هيئة قاعدة المثلث تسمي حمالة ويتم ربط الأجزاء بخيوط قوية وتزين بالخرز والنقوش والدلايات.
< أول من استخدم السمسمية من أهل السويس كان الفنان السويسى «كبربر» ثم انتقلت إلي مدينة الإسماعيلية وكان الفنان أحمد فرج أول من استخدمها بمدينة الإسماعيلية ثم انتقلت إلي بورسعيد وأول من استخدمها الفنان أحمد السواحلى، وجميعهم من أصحاب البشرة السمراء.
ويرى أهالي القناة أن للسمسمية فلسفة خاصة وهي عالم قائم بذاته علي أنغامها يتحرر الإنسان من مخاوفه وأحلامه ومباهجه وأحزانه يتحدي كل شيء ويقترب من الحرية والسلام في أقصى معانيها شفافية ويصبح الإنسان أمام نفسه مجرداً من كل شيء لا يريد إلا الغناء والاندماج والوصول إلي ذروة المعنى.. فكانت أداة التعبير عن حب الوطن وكل ذرة من رماله.. فأصبحت الآلة الوترية التي تصاحب أغاني ورقصات مدن القناة في المناسبات الوطنية والعائلية، ولذلك لا يمكن الحديث عن المقاومة في مدن القناة دون الحديث عن السمسمية والتي تحولت في الفترة من هزيمة يونيو 67 حتي عودة المهجرين إلي مدنهم عام 74 بعد هجرة دامت لأكثر من 7 سنوات إلي معني من معاني الوطن، بل إلي معني الوطن نفسه علي حد تعبير الفنان «تامر ريكو»، مؤسس أول مدرسة لتعليم السمسمية في السويس.. فالسمسمية لم تكن مجرد آلة موسيقية بقدر ما كانت حالة من حالات حب الوطن نسجت فيها العلاقة بين الناس والبلد حتي صاروا شيئاً واحداً، فالوطن هو هؤلاء الناس الذين ذابوا عشقاً في حب أرضهم وغنوا ورقصوا علي أنغام السمسمية حتي تركوا أجسادهم علي الأرض وحلقت أرواحهم تحلم بجلاء الهزيمة والعودة إلي مدنهم البعيدة.
< والسمسمية لعبت دوراً في حرب الاستنزاف استخدمها سكان القناة البسطاء رغم التهجير في بث روح المقاومة والصمود من خلال تأجيج مشاعر المصريين أثناء الحرب للدرجة التي وصفها وقتها البعض بأنها أقوي من أدوات وأسلحة الإسرائيليين.
< فالسمسمية تواجدت في الخنادق وعلي خط النار وشدت أذر الجنود المصريين في الحروب الدائرة في منطقة القناة وكانت بكلماتها وأغانيها لا تقل أهمية عن السلاح وبمثابة بندقية تقوم فيها الموسيقي بدور البندقية.
استطاعت أن ترفع معنويات الجماهير وأن تعبئ مشاعرها لصالح المقاومة علي جبهات القتال ومثلت أغاني السمسمية أصدق مؤرخ لكل أحداث ومعارك حرب الاستنزاف العظيمة حتي نصر أكتوبر 73.

 النوبيون تركوا الأرض لإنشاء بحيرة ناصر والسد العالى

النوبيون تركوا الأرض لإنشاء بحيرة ناصر والسد العالىوحدهم دفعوا الثمن عن كل مصر.. دفعوا ثمن اقامة أكبر بحيرة صناعية في جنوب مصر.. وثمن اقامة «سد عالي».. وثمن توليد 10 مليارات كيلو وات ساعة كهرباء من السد.. وثمن حماية مصر كلها من الفيضان.. وحماية المصريين جميعاً من العطش، وزيادة اراضي مصر الزراعية الى 2 مليون و800 ألف فدان وحدهم النوبيون دفعوا ثمن كل ذلك
.. وكان الثمن هو 360 كيلو مترا مربعا هى كل أرضهم.. وزرعهم.. بيوتهم.. ونخلعهم.. وذكريات الطفولة.. ورفات الاجداد.. كان الثمن ترحيلهم الى أرض غير أرض الاجداد.. وسماء غير السماء التي ظللت عليهم وآبائهم قرونا طويلة.
كنت أعتقد أن النوبيين يرون ابتعادهم من موطنهم القديم مأساة إغريقية، ليس فيها سوى الدموع والأوجاع والأنين، ولكن عندما اقتربت منهم وجدت شيئا آخر.. وجدت أبطالاً من ذهب لم يندموا للحظة على ترك اراضيهم وبيوتهم.. فجميع من قابلتهم من النوبيين لم يحزنهم ذلك رغم الحنين الى أرض الصبا.. ولم تبكهم رغم لوعة فراق مسقط رأسهم.. ولم تحرقهم نار الحنين الى رفات الأجداد التي ابتلعتها مياه بحيرة ناصر.
لم يحزنهم ذلك كله.. ولكن اوجعهم شيئاً آخر.. ومن تصاريف القدر أن أوجاعهم أوشكت على أن تجد طريقا للحل.. الآن بعد أكثر من 50 عاماً من رحلة التهجير القاسية.
عاش النوبيون 4 هجرات وليس هجرة واحدة.. البداية كانت عام 1902 مع بناء خزان أسوان، والذي ارتفع معه منسوب المياه خلف الخزان، ليغرق 10 قرى نوبية، تم تهجير سكانها الى أماكن اخرى في أرض النوبة.
وفي عام 1912 كانت الهجرة الثانية بسبب التعلية الأولى لخزان اسوان والتي ارتفع علي اثرها منسوب مياه النيل في منطقة النوبة فأغرقت المياه 8 قرى أخرى هى «قورتة والعلاقي والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترمه.
وبعد ذلك جاءت التعلية الثانية للخزان عام 1933 وأغرقت معها 10 قرى نوبية وتم تهجير 18000 أسرة، ولكن تهجيرهم كان داخلياً بمعني أنهم تركوا منازلهم وانتقلوا الي منازل اخري أكثر ارتفاعاً من أرض النوبة بعدما غرقت كل أراضيهم الزراعية.. وبسبب قسوة الحياة بعد غرق الزرع والأرض اضطر بعضهم الى الهجرة الى اسنا والاقصر وقنا وأسوان.
وأخيراً جاء التهجير الأكبر مع تحويل مجرى النيل الى أرض النوبة لبناء السد العالي في مطلع الستينيات، قبل بدء عملية التهجير زار الرئيس جمال عبد الناصر أهل النوبة وقال كلاما يدور كله حول التضحية من أجل بناء الوطن، وقال للنوبيين بالحرف الواحد «الخير سيعم على أبناء النوبة جميعاً.. وسيكون الخير كثيراً لأنه سيجمع شمل أبناء النوبة جميعاً على الأسس الصحيحة لبناء مجتمع قوي سليم».
وساعتها لم يبخل نوبي واحد بكل ما يملك من أجل مصر.. وهتفو جميعاً «كلنا فداء لمصر».
وبدأ حصر البيوت وعدد ساكنيها من أجل توفير منازل بديلة وصرف تعويضات عن النخيل التي تملكها كل.. ولم يكن التعويض سوى 10 قروش عن كل نخلة، بينما لم يتم صرف مليم واحد تعويضاً على البيوت أو الأرض.. لماذا؟.. لأن الحكومة قالت أنها ستصرف بيوتاً وأرضاً بديلة لأهل النوبة.. سأل النوبيون: وأين تلك الأرض البديلة؟ فكان الاجابة: في كوم امبو.. صرخ الأهالي: بلاش كوم امبو القاحلة الجرداء واقترحوا أن يكون تهجيرهم الى منطقة وادي السيالة.. فقالت الحكومة سنجعل كوم امبو جنة فادخلوها سالمين غانمين.. وعندها لم يجد الأهالي بداً من القبول.
ومع مطلع شمس 18 أكتوبر 1963 بدأ تهجير النوبيين من النوبة القديمة الي موطنهم الجديدة في كوم امبو، واستمر التهجير 244 يوماً، بينما بلغ عدد المهجرين 15 الفاً و17 أسرة، تضم 55 ألفاً و968 مواطناً مصرياً.
كانت أشبه بأيام طوفان نوح.. هكذا كانت أيام التهجير.. الرجال يحملون صغارهم وما استطاعوا حمله من منازلهم والأمهات يحملن فوق رؤوسهن «بؤجة» الملابس والأواني والحصر ثم يحشرون مع ماشيتهم في مراكب نيلية تنقلهم الى الارض الجديدة.
وفي رحلة التهجير سقط موتا من التعب 50 رجلاً وامرأة مسنة وحوالي 1500 طفل.. ورغم قسوة فراق الأرض والمنزل.. ورغم مشقة النقل كان أهالي النوبة من الفاديج يغنون «يا أحلي 18 أكتوبر تعود علينا بالخير».. أما أهالي النوبة من العرب فكانوا يغنون «جينالك يا كوم امبو يا جنة الخير يا كوم امبو».
وفي الأرض الجديدة وجد النوبيون مفاجأة حزينة عقب انتظارهم، أكثر من 5 آلاف اسرة لم يخصص لها منازل أصلاً، وكثير ممن خصصوا لهم منازل لم تكن بيوتهم قد شيدت بعد ولهذا اضطروا الى الاقامة في الخيام شهوراً تحت حرارة الشمس الحارقة في النهار والبرد الذي ينخر العظام طوال الليل.. وحتى المنازل التي تم تشييدها لم تكن أكثر من بيوت اسمنتية ضيقة المساحة تختلف كثيراً عن بيوت النوبة القديمة المبنية من الطوب اللبن لتلائم درجة الحرارة.
واستمرت الازمات حينما اكتشف النوبيون ان المنطقة التي انتقلوا اليها ليس بها سوى مدارس ابتدائية فقط، وتتوالى الكوارث بضياع 6 آلاف فدان من التي تم تخصيصها لأبناء النوبة في أسوان واسنا والأقصر بعد أن وضع اخرون ايديهم عليها وعلي مدى 50 عاما فشل النوبيون في استعادة هذه الأراضي من غاصبيها!
ورغم هذه المآسي لم يغضب النوبيون ولم يتذمروا من التهجير ولا حتى من بيوتهم التي سرعان ما ضربتها الشروخ وتهدم بعضها.. ولكن ما يغضبهم كان شيئاً آخر.. ما يغضبهم هو الظلم.
وتكشف علاقة النوبيون برؤساء مصر مدى وطنية النوبيون وتكشف ايضاً كم الطيبة والعظمة التي تحملها جينات النوبيون.. فالنوبيون جميعاً يتفقون على عشق أول رئيس لمصر.. يحبون الرئيس محمد نجيب بشكل كبير.. واذا سألت احدهم عن سر هذا الحب تجد اجابة واحدة تقول: الرئيس نجيب زارنا في النوبة القديمة وشد على أيدينا وأشاد بدور النوبيين في حماية جنوب مصر حتى أنه وصفنا بـ «حراس النيل».
والمفاجأة أن أغلب النوبيون لا يكرهون الرئيس عبد الناصر صاحب قرار تهجيرهم من أراضيهم والجميع يعشق الرئيس السادات الذي زارهم أكثر من مرة حتى إنه شارك في احد الأفراح النوبية وكان شاهداً على عقد زفاف شاب نوبي اسمه حسني ويرتبط حب النوبيين للرئيس السادات كونه أول رئيس يقيم جمعيات زراعية تعاونية في أرض النوبة القديمة التي تحيط ببحيرة ناصر وخصصها للنوبيين. أما الرئيس الأسبق حسني مبارك فليس له في قلوب النوبيين أي رصيد من الحب، خاصة أنهم تجاهلهم تماماً، فلم يزرهم طوال سنوات حكمه الثلاثين سوي مرة واحدة وكانت قبل شهور قليلة من عزله ويردد البعض في النوبة أن سقوط مبارك ارتبط بدعوات الغضب التي رددها بعض النوبيين ضد مبارك أثناء زيارته إلي النوبة في آخر عهده.. أما الرئيس السابق محمد مرسى فأثار غضب النوبيين أكثر من أي رئيس مصرى، خاصة أنه وصف النوبيين بالجالية النوبية وهو ما أغضب كل أبناء النوبة باعتبارهم جزءاً من النسيج الوطنى وكانت الكارثة أن عصام العريان مستشار محمد مرسي وصف النوبيين بـ«الغزاة»!
وبعد نصف قرن من التجير والظلم والإهمال، أشرقت شمس جديدة علي أبناء النوبة، وبدأت الحكومة تعقد لقاءات من أبناء النوبة لإعادتهم إلي أرض النوبة القديمة التي تحيط ببحيرة ناصر.. وبتكليفات مباشرة من رئاسة الجمهورية التقى وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدى بعدد كبير من أبناء النوبة في مقر مجلس الشوري قبل أيام. قال الوزير للحاضرين: «الرئيس السيسي كلف الحكومة بتحقيق أحلام وآمال أبناء النوبة بالعودة إلي أراضيهم القديمة حول بحيرة ناصر وتدرس الحكومة  حالياً إصدار قانون لإعادة توطين النوبيين في أراضى النوبة القديمة.
ويؤكد محمد حسن، أمين عام جمعية المبدعين النوبيين، أحد أبناء النوبة الذي لم يحزنه التهجير: «كل نوبى علي استعداد لأن يضحي بحياته من أجل مصر وإذا كان علي استعداد للتضحية بالحياة فلا يمكن أن نحزن علي التضحية بالأرض والمنزل من أجل الوطن».
وأضاف: «ما أغضب النوبيين هو الظلم الذي تعرضوا له بعد التهجير.. فالحياة في كوم إمبو كانت قاسية والحكومة رفضت نقل النوبيين إلي أراض أفضل في السيالة وأصرت علي كوم أمبو التي أطلق عليها البعض وادي جهنم لقسوة الحياة بها، وأغضب النوبيين أيضاً أن منازلهم الجديدة تتهدم باستمرار وبعض الأجهزة الحكومية تشهد عمليات فساد واسعة في عمليات الترميم، حيث تخصص مبالغ ضخمة للترميم ولكن ما يتم إنفاقه فقط جزء يسير والباقي يتسرب إلي جيوب الفاسدين حتي عندما خصصت الأمم المتحدة ملايين الدولارات لتنمية منطقة بحيرة ناصر لم يستفد النوبيون شيئاً من هذا المشروع وتم توزيع الأراضى علي أقارب المسئولين من أبناء الدلتا.
وواصل أمين عام جمعية المبدعين النوبيين: «هذا فقط ما أغضبنا ولكن التهجير وترك الأرض لمصر هو أقل ما نقدمه لوطننا الغالى».

اعلانك على راديودلهمو......انت اكيد كسبانhttp://dalhamo20.blogspot.com




https://www.facebook.com/pages/%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D8%AF%D9%84%D9%87%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AD%D9%86%D8%A7-%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D8%A7/210450225658511?ref_type=bookmark