عددالزائرين الان

الخميس، 18 فبراير 2016

سرقة الآثار.. تاريخ مصر المنهوب بأيدي أبنائه

تعتبر تجارة الآثار من أكثر أنواع التجارة ربحًا، فهواة جمع التراث الثقافي لديهم نهم لا ينتهي، ولا يدخرون شيئًا في الحصول على قطعة جديدة فريدة من نوعها.

وعلى الرغم من أن كل قطعة آثار يتمّ تهريبها تفقد 70% من قيمتها التاريخية، إلا أننا نجد عددًا من صالات المزادات الكبرى والتي لها سمعة بارزة في هذا المجال، تظهر لنا قطعة نادرة تحقق رقمًا قياسيًا جديدًا، أو أنها تتخطى المبلغ المقدر أو المتوقع لبيعها.
تعرضت مصر خلال الآونة الأخيرة لسرقة وتحطيم عدد من المتاحف الأثرية بداية من متحف المنيا مرورًا بالمتحف المصري وختامًا متحف كلية الآثار جامعة القاهرة.
سرقة 1040 قطعة أثرية من متحف المنيا
تعرض متحف ملوي بمحافظة "المنيا" لعملية اقتحام على يد مجهولين في أ غسطس2013، لتصبح أكبر سرقة في تاريخ مصر الحديث، حيث تم سرقة 1040 قطعة أثرية من إجمالي 1089 قطعة أثرية هي إجمالي معروضات المتحف.
ومن بين المسروقات منحوتة من الحجر الجيري يعود تاريخها إلى 3500 سنة ومجوهرات مرصعة قديمة العهد وقطع نقدية إغريقية ورومانية ذهبية وبرونزية وقطع فخارية هي عبارة عن تماثيل لحيوانات وتمثال لإله الموت على شكل إنسان برأس طائر أبي المنجل، بالإضافة إلى التليفات الشديدة التي أصابت بقية المعروضات.
سرقة 50 قطعة أثرية وتحطيم 70 بالمتحف المصري
وإبان ثورة يناير، تم سرقة 50 معروضة من المتحف المصري بميدان التحرير وسط القاهرة، وأصيب أكثر من 70 قطعة أثرية خلال سرقة المتحف بالتلف.
وعلق زاهي حواس وزير الآثار آنذاك، على الواقعة ببيان عنوانه "أخبار حزينة" مؤكدًا أن 18 قطعة أثرية قد نهبت بما تمثال مصنوع من الخشب المذهب للملك "توت عنخ آمون"، وأجزاء من تمثال آخر للملك وهو يصطاد السمك برمح.
سرقة تخريب أكبر متحف للكاريكاتير في الشرق الأوسط
في ديسمبر 2015، تم سرقة وتخريب متحف "الكاريكاتير" الخاص بالفنان محمد عبلة بالفيوم، حيث يعتبر الأول على مستوى الشرق الأوسط، حيث تم الاستيلاء على شاشة العرض وتمثال إفريقي خشبي صغير، وإلقاء جميع اللوحات والأرفف علي الأرض وإتلاف الكتب الموجودة به.
المجمع العلمي .. تاريخ مصر المحترق
اسيقظ المصريون في  ديسمبر 2011، على نبأ حرق المجمع العلمي، خلال اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن بمحيط مجلس الوزراء، ما أدى إلى انهيار السقف العلوي للمجمع، حيث لم ينجُ من محتويات المجمع، البالغ عددها 200 ألف وثيقة، تضم مخطوطات وكتباً أثرية وخرائط نادرة، سوى قرابة 25000 فقط من الكتب والوثائق، كانت تمثل ذاكرة مصر منذ عام 1798.
وكان أبرز خسائر المتحف، كتاب " وصف مصر" وعدد من المخطوطات يتخطى عمرها المائة عام، ونوادر مطبوعات أوروبية لا يوجد منها سوى عدد قليل على مستوى العالم، بالإضافة إلى خرائط استندت عليها مصر في التحكيم الدولي لحسم خلافاتها مع بعض الدول.
اختفاء 140 قطعة أثرية من متحف اثار القاهرة
في يونيه 2015، قام لصوص بسرقة 140 قطعة أثرية نادرة من متحف آثار القاهرة، بعد إصدار الدكتورة عزة فاروق، أمرًا شفويًا بإغلاق المتحف بسبب الانفلات الأمني آنذاك.
أشهر سبع مسلات تاريخية أهديت للخارج
على الرغم من أن مصر تملك أكثر من ثلثي أثار العالم إلا أنها فقدت العديد منها في عمليات نهب متكررة، هذا بالإضافة إلى الإهداءات التي قدمها الملوك والرؤساء للدول أخرى من أجل توطيد علاقتهم معها، وكأنها ملكية شخصية لهم حق التصرف فيها.

أصبحت الدول الغربية تحوى أثار مصرية تنتمي لعدة حقب تاريخية الفرعونية والقبطية والرومانية،وتعد "المسلات" الفرعونية أكثر القطع الأثرية التي تميزت بها مصر ولكنها فقدت الكثير منها سواء عن طريق إهدائها أو نقلها إلى الخارج.
يرصد "راديو دلهمو" أبرز المسلات الفرعونية  الموجود بالخارج .
مسلة كليوبترا بنيويورك

أهدى الخديوي إسماعيل مسلة "كليوباترا"، التي تزن 244 طن من الحجر الجرانيتي للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1879م رسميًا عن طريق خطاب موقع من ابن الخديوي توفيق، لتوطيد العلاقات بين البلدين، حيث توجد الآن بأحد حدائق "نيوريورك".
وتحوي المسلة المصرية الموجودة بنيويورك على نقوش باسم تحتمس الثالث فرعون مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، كما يوجد بها علامات أضيفت من قبل رمسيس الثاني في القرن 12 ق.م، وأثناء فترة حكم الرومان لمصر قاموا بنقل المسله في القرن العاشر قبل الميلاد من معبد رع في هليوبليس إلى الإسكندرية لتزيين قصر هناك، ولا يعرف علي وجه الدقة لماذا انتسب اسم المسلة إلى الملكة كليوباترا لكن يعتقد أن التسمية جاءت في العصر الروماني نتيجة لنشاط كليوباترا السياسي الواضح في السياسة الرومانية في ذلك العصر.



مسلة كليوبترا بفرنسا



وقدم محمد علي باشا والي مصر العثماني أحدى أجمل مسلات مصر الفرعونية التي كان عمرها آنذاك نحو 3300 سنة كهدية إلى ملك فرنسا لويس فيليب، حيث أمر فيليب بوضع مسلة كليوباترا في ساحة الكونكورد في وسط باريس .
وتتميز المسلة بنقوش الكتابة الهيروغليفية ،وقد تم بناؤها في فترة حكم الفرعون رمسيس الثاني وكانت تزين في الماضي مدخل معبد الأقصر، ويبلغ طول العمود الجرانيتي الأحمر بالمسلة حوالى  23 مترا ارتفاعا ويزن أكثر من 250 طنا.
مسلة كليوبترا بلندن

أهدى محمد علي باشا مسلة أخرى لكليوبترا إلي بريطانيا تكريمًا لانتصار اللورد نيلسون في معركة النيل وهزيمته لجيش نابوليون بونابرت الفرنسي في 1801 م، توجد المسلة الأن  في مدينة لندن بالقرب من نهر التايمز.
مسلة تحتمس الثالث باسطنبول


نقل الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول مسلة تحتموس الثالث من مصر إلى ميدان السلطان أحمد فى إسطنبول بتركيا.
وأمر الامبراطور كاليجولا عام 37 بنقل مسلة  لأمنحوتب الثاني، لتوضع في “سبينا"


بروما وهي موجوده حاليًا في ساحة الفاتيكان بأوامر البابا سيكستوس الخامس، حيث تعتبر المسلة الوحيدة في روما التي لم تسقط في الحقبة الرومانية ، ويصل طولها الى 25.5 متر, مدعومة بأسود برونزية وصليب في أعلاها بطلب من البابا سيكستوس الخامس .
مسلة اتيرانيسي بروما


أحضر الإمبراطور  "قنسطانطيوس" الثاني إلى روما عام 357 م مسلة لاتيرانيسي وهى إحدى المسلات التي بنيت في عصر الفرعون  تحتمس الثالث، حيث قام الإمبراطور بأخذها من معبد الإله آمون بمعبد الكرنك في الأقصر، وتعد المسلة من أطول المسلات في "روما" ويبلغ طولها 32 متر وتزن 230 طنا.
 وتم العثور عليها في ثلاث أجزاء منفصلة عام 1587م، واستعيد قوامها بطول أقصر ب4 أمتار عما كانت عليه بواسطة البابا "سيكستوس" الخامس ووضعت في ساحة "سان جيوفاني" قرب قصر "لاتران" بروما.
مسلة تحتمس الثالث بروما


ونقل الامبراطور "تيودوروس" مسلة القسطنطينية إحدى مسلات الفرعون تحتمس الثالث السبعة، من طيبة إلى روما ،ويعتبر الجزء الأعلى من المسلة مماثل في الطول لمسلة اللاتيران.
 وتنص النقوش المحفورة على جوانبها بالفرعونية على كل البلاد الذي جعل حدودها تصل إلى قرون الأرض ومياه النهرين، بقوة وظفر على رأس جيشه الظافر موقعاً مذبحة عظيمة.
مسلة "ماتيانو" بروما


توجد الآن مسلة "ماتيانو" التي بناها رمسيس الثاني حيث تم نقلها من معبد الاله "رع" بهليوبليس، والتي يصل ارتفاعها إلى  12.23متر في فيلا "كليمونتانا" بروما .
"على عينك يا تاجر ومين يزود".. آثار مصرية فرعونية للبيع
أصبح العالم مفتوحًا أمام الجميع يستطيع من خلال إلقاء نظرة على كل من حوله، فتبيع



وتشتري ما تشاء عن طريق الإنترنت، حتى آثار وتاريخ الأمم أصبح سلعة تباع وتشتري، في وقت غابت فيه المساءلة والمحاسبة، فهان على أبناء وطن أن يتاجروا في آثار وطنهم وحضارته عبر مزادات عالمية  مع ضمان عدم تعرضه للمسألة القانونية، بأسعار تبدأ من 100 دولار حتى ملايين الدولارات، الأمر الذي يهدد تاريخ وحضارة مصر في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة استرداد كل ما نهب منها خاصة بعد ثورة يناير، لذا نرصد خلال هذا التقرير أهم المواقع التي تباع بها الآثار عبر العالم.

"آى باى"ebay، و "إنفيالبول"

يعتبر موقع "آى باى" ومقره ولاية كاليفورنيا، من أشهر المواقع العالمية التي تلعب دور الوسيط بين البائع والمشتري والبيع مفتوح لأي شخص يعرض بضاعته، وتعد الآثار المصرية الأكثر رواجاً على مواقع المزادات العالمية.
في عام 2013، رصدت وزارة الآثار 800 قطعة أثرية معروضة للبيع بهذا الموقع منها قطع فرعونية وعملات مصرية، وطالبت الخارجية المصرية التنسيق مع سفارة مصر بلندن لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال وقف المزاد لبيع تلك القطع، حتى يتم التأكد من أثريتهم وكيفية وقانونية خروجهم من الأراضي المصرية، لاستردادها.
فيما جاء رد الموقع بـ"إذا أرادت مصر أن تسترد 800 قطعة أثرية فعليها أن تشتريها"، واستمرار الموقع في عمليات المزاد العلنى للبعض منها، والبعض الآخر شحن بالفعل إلى دول أوروبية،- حسبما ذكر الموقع آنذاك.
وفي 2014 ، ذكر موقع (ديلي بيست) الأمريكي أن القطع الأثرية المصرية التي تم بيعها على مواقع عالمية للشراء خلال الآونة الأخيرة، تضمن تماثيل ترجع لأكثر من أربعة آلاف سنة فضلاً عن قناع خشبية لمومياء يرجع عمره لعام 2700 ق.م.
وأوضح الموقع أن أسعار الآثار المصرية- التي لا تقدر بثمن- تبدأ من ألف دولار للعملات المعدنية والذهبية وتصل إلى 25 ألف دولار لأغطية المومياوات، مؤكداً أنه تم بيع أكثر من 450 قطعة أثرية مصرية على مواقع الشراء العالمية خلال أشهر معدودة.
 مزادات علنية لبيع الآثار المصرية
كما أن هناك العديد من الصالات حول العالم التي تقيم المزادات العلنية لبيع الآثار وتنجح بعض الدول في تهريبها و طمس المستندات الخاصة بها عن طريق سفر القطع الأثرية لأكثر من دولة وتزوير شهادات إثبات الملكية، مما يصعب مهمة الدولة في   إثبات أحقيتها فيها لتباع بمبالغ طائلة، لكنها غالبًا تكون أقل من قيمتها الحقيقة.
ومن بين صالات المزادات الآثرية صالات عرض "دانيال كولوس" للفن المصري بلندن و"لايف أوكشينيرز" بالولايات المتحدة الأمريكية،و صالات " سوثبى" و"بيدون" و"بونهامز" و"بركات جاليري" بالإمارات، و قاعة بونهامز Bonhamsبلندن التي تقيم مزاد علني للآثار المصرية، بجانب محلات البيع المباشر للقطع الصغيرة فيوجد جاليري "سمرقند" الأشهر و"ديفيد" في العاصمة الفرنسية باريس.
وبصالة "كرستي" بلندن تم بيع التمثال الفرعوني للكاتب المصري القديم “سخم كا”، يوم 10 يوليو 2014،بالملايين.
وفي  أواخر إبريل 2013، نظمت مؤسسة "بونامز" وهى إحدى صالات المزادات البريطانية العالمية الشهيرة، مزاد علني لبيع جزء من تاج الملك "مرنبتاح" ابن رمسيس الثاني, وتمثال للمعبودة "نيث" حامية الدلتا لدي المصريين القدماء, وتمثال لإله "الحكمة" عند الفراعنة .
وعلى إثر الإعلان، أخطرت السلطات المصرية الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" رسميا عن سرقة هذه القطع التي بلغ عددها200قطعة
وجاء الإخطار الذي أرسلته هيئة الآثار المصرية إلي الإنتربول, بعد رفض بونامز وقف المزاد وأكدت أن كل المعروضات المصرية ليست مسروقة.
وفى أبريل 2015 أقيم دار مزادات "بونهامز" بلندن مزاد لعرض زوجًا من الأقراط الذهبية المصرية الأثرية وهي جزءا من مجموعة إليزابيث للبيع، تعود إلى 3500 عام أي إلى القرون الأولى بعصر بناة الأهرامات.
 وفي ديسمبر 2015، أعلنت دار "سوذبي" الأمريكية للمزادات عن بيع مجموعة آثار فرعونية نادرة، ومنها "تمثال للملك تحتمس الثالث مصنوع من البازلت، وسعره سيتراوح بين 200إلي 300 ألف دولار.
وأوضحت الدار أن هناك تمثال للإله "سخمت" مصنوع من الجرانيت، ويعود ملكيته لأحد العلماء الانجليز ويدعى "جون لينون" بجانب تماثيل فرعونية أخرى متاحة للبيع منها تمثال زوجة الإله "ست"، إله الشر عند الفراعنة، ويرجع تاريخه إلى عهد الأسرة الـ19.
ومن أشهر الآثار التي عرضتها تلك المواقع والمزادات تمثال "لأوزوريس" وتمثال المعبودات الثلاث و6 لوحات حجرية، بجانب القطع النادرة منها صفحات من كتاب "وصف مصر" وتماثيل "أوشبتي" وعدد من التماثيل والحلى النادرة المطعمة بالأحجار الكريمة، بأسعار تبدأ من 100 يورو وتتجاوز الـ100 ألف يورو لبعض القطع.
هذا بالإضافة  إلى تماثيل نادرة للآلهة الفرعونية "باستت" و "إيزيس" و "أوزوريس" و"حورس" و"سوبك"، وأغلبها مصنوع من البرونز والجرانيت، و توابيت وأقنعة من الخشب المطعم بالنحاس، ويبلغ عمرها 3 آلاف عام وأكثر، فضلاً عن تماثيل نادرة وفريدة للكاتب المصري الجالس القرفصاء، وتماثيل للملوك من حقب زمنية مختلفة.

 جدير بالذكر أن مصر وقعت، عام 1970، على اتفاقية "اليونيسكو" بشأن حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، التي تسمح لمصر باسترداد أي قطعة أثرية مسجلة في المتاحف العالمية، وخرجت بطريقة غير شرعية، أما ما قبل هذه الاتفاقية فلا يحق لمصر استعادته، فيما تعد إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تسمح بتجارة الآثار، بجانب أن من يملك قطع آثرية قبل هذا العام ملك لأصحابها.