بالأرقام فقد ارتفعت معدلات التضخم بنسبة 10.4% في ديسمبر 2011 مقارنة بذات الفترة من عام 2010 في ظل الصدمات التي واجهها السوق في العرض والطلب بعد أن كان أقل من الدول العظمي وقت الأزمة العالمية حين ذاك وكان بداية لتفاؤل لإنعاش الاقتصاد القومي.
وتراجعت معدلات الإنتاج خلال هذا العام وانخفض عدد منشآت قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص بنسبه 6% ليصل الي 4364 منشاه خلال الربع الثاني لعام 2011 مقابل 4644 منشاة لنفس الربع من عام 2010، كما ارتفع قيمة العجز فى الميزان التجارى بنسبة 22% حيث بلغت 18,169 مليار جنيه خلال شهر أغسطس 2011 مقابل 14,888 مليار جنيه لشهر أغسطس2010 وذلك بعد تراجعه بنسبة 4% قبل ثورة 25 يناير وذلك وفقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء
وباعتراف المسئولين في وزارة التجارة الصناعية وشعبة المواد الغذائية بالغرف التجارية، فإن الأسواق بالفعل شهدت ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية قد يصل إلي 40٪.
وقال دكتور عادل خليل، خبير اقتصادي ومستشار منظمة التجارة العالمية، إن معدل التضخم قبل الثورة كان معقول جدا بالنسبة للأزمة العالمية التي كانت تمر بها الدول وتأثيرها علي مصر والوطن العربي ولكن زيادة معدل التضخم كان بنسب بسيطة جدا بعد ثورة 25 يناير بسبب جشع التجار واحتكارهم للسلع في ظل الغياب الامني واضطرابات البلاد من المشهد السياسي المتردي خاصة وقت الثورة وتخوف المستهلكين علي الإقبال علي شراء أي من السلع المعمرة والاكتفاء فقط بالسلع الغذائية وتخزينها تحسبا للأوضاع ، الأمر الذي دفع التجار غير الشرفاء لرفع الأسعار بدون مبرر.
بالإضافة الي ذكل زاد الاحتكار لسلع الحديد والأسمنت، رغم القبض علي أحمد عز "إمبراطور احتكار الحديد في مصر"، ولكن في ظل الغياب الأمني أصبح إقبال مستثمري العقارات غير الجادين في البناء والتشييد علي الأراضي الزراعية فضلا عن زيادة عدد الأدوار في العمارات بدون ترخيص.
وأضاف د. خليل، أنه مع مرور عام بعد الثورة زاد معدل التضخم وذلك بسبب عدة عوامل مجتمعة، وهي زيادة علاوات الموظفين هذا إلي جانب دخول التمويل الاجنبي من الخارج لمصر عمل علي زيادة النقود وأيضا الانتخابات البرلمانية التي أدت الي زيادة مصروفات المرشحين في الدعاية الانتخابية ، جاء هذا في الوقت الذي توقفت فيه العديد من المصانع عن الإنتاج.
وفي ذات السياق، أكدت نجوي سمك أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة، جامعة القاهرة, أن مصر كانت تشهد اقتصادا منتعشا قبل ثورة 25 يناير بشهور من خلال تحكم البنك المركزي وسيطرته علي معدلات التضخم التي شهدت طفرة كبيرة جدا في الدول الخارجية في ذات الفترة خاصة في ظل الأزمة العالمية لعام 2009، وما لها من تأثيرات علي زيادة معدلات الأسعار علي مستوي العالم .
وقالت د. سمك : مما لاشك فيه أن هناك زيادة كبيرة في معدلات التضخم بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن مع مرور عام نتيجة الأوضاع الغير مستقرة للبلاد وزيادة صدمات العرض والطلب التي واجهت السوق منذ اندلاع الثورة وحتي الآن بسبب زيادة معظم أسعار السلع وجشع التجار وتعرض البلاد للسرقات وأعمال البلطجة هذا فضلا عن زيادة الطلب بالسوق بسبب تخوف المواطنين من الأوضاع السياسية المتردية التي تسهم في زيادة الأسعار مستقبليا بحسب رؤيتهم، مشيرة الي أن كل هذه العوامل تؤدي الي زيادة الطلب في السوق وانخفاض المعروض في ظل توقف عجلة الإنتاج.
وتوقعت سمكن أن تشهد السوق استقرارا خلال هذا العام بعد مرور عام علي الثورة مع بداية تشكيل البرلمان الجديد وتأسيس الجمعية لوضع الدستور الجديد يتواكب مع متغيرات السوق ووضع أسس وقواعد لمنع الاحتكارات والحد من جشع التجار ورفع الأسعار بدون مبرر، وأيضا جذب استثمارات جديدة لبناء مشروعات تسهم في تحريك عجلة الإنتاج بفكر جديد في ظل استقرار البلاد والحد من الإضرابات والاحتجاجات .
ومن جانب أخر، قال دكتور جمال عابدين رئيس جمعية مستثمري السلام، إن هناك فجوة كبيرة جدا بين احتياجات السوق الفعلية والعرض بكافة السلع والمنتجات وذلك منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتي مرور عام والمردود السلبي يسلط توجهاته علي اقتصاد البلاد ,مشيرا الي أن نزيف الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي لازال مستمرا حتي الآن حيث فقد 18 مليار دولار علي مدار التسعة أشهر الماضية .
وحذر د. عابدين، من إقبال البلاد علي الافلاس خلال 9 شهور قادمة في حال استمرار عدم السيطرة الأمنية الرادعة، لافتا إلى عواقب الإفلاس ستكون وخيمة علي البلاد حيث سيصل "سعر الدولار الي 10 جنيهات ورغيف العيش سيصبح بجنيهين "، مؤكدا أن مصر من أكبر الدول علي مستوي العالم في تلقي المعونات الخارجية .
وأشار رئيس مستثمري السلام, أن هناك عزوفا في الإقبال علي شراء سيارات النقل، فالأرقام توضح أن حجم المبيعات أصبح لا يتعدي 38 ألف سيارة خلال 2011 مقابل 163 ألف سيارة في 2010 ، وهذا المؤشر يؤكد علي أن هناك تدنيًا في حجم الاستثمارات الحالية مع العزوف عن تجديد المشروعات.
وأوضح د جمال عابدين, أن ارتفاع معدلات التضخم، نتيجة طبيعية للأوضاع الاقتصادية الحالية من شلل حركة الإنتاج وارتفاع أسعار الخامات وأيضا تصاعد أزمات البنزين والسولار والغاز، مطالبا الثوار بضرورة الصبر لاستعادة الاقتصاد القومي في مصر مع فض الاعتصامات والاحتجاجات، خاصة مع الاحتفال بالعام الأول علي الثورة، حتي تجني ثمارها بعد سقوط النظام السابق، فليس من المنطقي أن تشهد البلاد حالة من الرخاء بعد مرور 30 عامًا من الفساد، قائلا: أخشي أن تتحول الثورة إلى فوضى وأن يتحول الاقتصاد من السيئ الي الأسوء " فنظام فاسد باقتصاد مستقر أفضل من دولة بلا نظام"
والآن السؤال الذي يطرح نفسه علي الساحة هل هذا حصاد الثورة أم هو السحابة التي تسبق شمس مشرقة لمصر جديدة؟