أحمد أبو زيد.. قلمٌ من ذهب وفكرٌ لا يصدأ
في قرية جزيرة دلهمو البحرية، تلك البقعة الطاهرة من قلب أشمون بمحافظة المنوفية، وُلد الكاتب الصحفي والمفكر الإسلامي أحمد أبو زيد عام 1964، ليبدأ رحلة فكرية وثقافية لم تعرف السكون. منذ نعومة أظفاره، كان شغفه بالعلم واضحًا، حيث حاز الصدارة في دراسته حتى تخرّج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1986، ليشق طريقه في عالم الصحافة بحرفية وتميز.
رحلة الصحافة والتألق المهني
بدأت مسيرة أبو زيد في عالم الصحافة بجريدة الحقيقة التابعة لحزب الأحرار، حيث صقل موهبته وكوّن شخصيته المهنية، قبل أن ينتقل إلى جريدة الوفد ويترقى حتى وصل إلى منصب مدير تحرير. ولم يتوقف عطاؤه عند الصحافة المحلية، بل امتد إلى الصحافة العربية، فكتب في كبرى المجلات مثل العربي، الوعي الإسلامي، الدوحة، والحرس الوطني، وترك بصماته في مجلة الشريعة الأردنية، حيث شغل منصب مدير مكتبها في القاهرة لسنوات.
كاتبٌ وباحثٌ إسلامي ذو رؤية عميقة
لم يكتفِ أحمد أبو زيد بكونه صحفيًا مرموقًا، بل كان باحثًا إسلاميًا من الطراز الرفيع. حصل على دبلوم الدراسات الإسلامية عام 1992، وسخّر قلمه للدفاع عن القضايا الإسلامية في مواجهة حملات التشويه. من أبرز كتبه "محاكمة سلمان رشدي المصري"، الذي كشف فيه الهجوم الممنهج على الإسلام من خلال الأدب، و**"الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية"**، حيث فضح الأساليب الخبيثة لتشويه العقيدة الإسلامية في بعض الأعمال الأدبية.
القدس وقضايا الأمة في صلب اهتمامه
لم يكن أحمد أبو زيد مجرد كاتب يراقب الأحداث، بل كان صاحب موقف وقضية، حيث أولى اهتمامًا بالغًا بالقضية الفلسطينية، خاصة تهويد القدس، فأصدر كتابه المهم "القدس.. خمسون عامًا من التهويد"، متتبعًا مراحل التغيير الممنهج للمدينة المقدسة على مدى نصف قرن. كما صرخ بمداد قلمه ضد الاحتلال الصهيوني في كتابه "إنهم يقتلون الساجدين.. مذبحة الحرم الإبراهيمي وحرب المستوطنات"، حيث فضح المجازر الصهيونية بحق المصلين في الخليل.
عالم الاستشراق والرحلات الحجازية
من أبرز إنجازاته الفكرية كتابه "الاستشراق النسائي.. حضارة الإسلام في عيون غربية منصفة"، الذي تناول جهود المستشرقات اللاتي أنصفن الحضارة الإسلامية. كما أبدع في موسوعته الفريدة "الرحلة إلى مكة والمدينة"، التي وثقت أشهر رحلات الحج لكبار الأدباء والمفكرين، أمثال العقاد، أنيس منصور، وابن جبير.
رجل الكلمة والقضية
على مدار أكثر من ثلاثة عقود، ظل أحمد أبو زيد مثالًا للصحفي الملتزم والكاتب المفكر الذي لا يهادن في الحق. قلمه لم يكن مجرد أداة للكتابة، بل كان سلاحًا في معركة الوعي، ورسالة سامية للدفاع عن قضايا الأمة.
تحية تقدير وإجلال لقلمٍ لا يصدأ، وفكرٍ يظل نبراسًا للأجيال القادمة.