الحاج محمد الجوهري.. رجل الخير وبصمة لا تُنسى في دلهمو
في كل قرية هناك رجالٌ يُخلّد التاريخ أسماءهم، ليس لأنهم سعوا وراء الشهرة، بل لأنهم جعلوا الخير رسالةً وعملًا لا ينقطع. ومن بين هؤلاء العظماء، يبرز اسم الحاج محمد الجوهري، الذي كان نموذجًا فريدًا للعطاء والتضحية في قرية دلهمو.
رحلة العطاء.. بناء أجيال ومستقبل مشرق
منذ شبابه، أدرك الحاج محمد الجوهري أن خدمة الناس بابٌ واسعٌ إلى الجنة، فوهب حياته للعمل الخيري، واضعًا التعليم في مقدمة أولوياته، إيمانًا منه بأن بناء العقول هو حجر الأساس لأي مجتمعٍ متقدم. وبفضل جهوده المباركة، شارك في تأسيس:
الجمعية الشرعية التي كانت منارةً للعلم والخير في القرية.
معهد دلهمو الابتدائي عام 1985، ليكون أولى خطوات نشر التعليم في قريته.
معهد فتيات دلهمو الإعدادي الثانوي عام 1993، والذي توسّع حتى أصبح ثلاثة طوابق، ليحتضن المزيد من الفتيات ويوفر لهن تعليمًا دينيًا وأكاديميًا يليق بهن.
معهد بنين دلهمو الإعدادي الثانوي عام 1997، الذي تطوّر أيضًا ليصبح ثلاثة طوابق، ما ساهم في زيادة فرص التعليم لأبناء القرية.
مسجد ومعهد طريق الوسط عام 2007، الذي جمع بين العبادة والتعلم، فكان صرحًا يفيض بالإيمان والعلم.
مشروعات خدمية.. حياةٌ كريمة لأهل القرية
لم يكن التعليم وحده هدف الحاج محمد الجوهري، بل أدرك أن البنية التحتية والخدمات العامة تلعب دورًا أساسيًا في حياة كريمة للمجتمع، فكانت له بصمات واضحة في:
إنشاء أول محطة تنقية مياه في دلهمو، ليضمن لأهل قريته مياهًا نظيفةً صالحة للشرب.
بناء مسجد ومقابر المشروع، ليكون دارًا للعبادة وسكينةً للموتى، يجتمع فيه أهل القرية للصلاة والدعاء.
رسالة الرحمة.. خدمة الموتى وضيوف الرحمن
ومن أعظم ما تركه الحاج محمد الجوهري، هو خدمته للموتى، فقد نذر نفسه لتغسيلهم وتكفينهم، مؤمنًا بأن هذه الرسالة من أحب الأعمال إلى الله. لم يكن يعتبرها عبئًا، بل كان يقوم بها بقلبٍ رحيم، ووجهٍ مبتسم، وكأنه يُكرّم الموتى في رحلتهم الأخيرة إلى الآخرة.
ولم تتوقف رحلته عند هذا الحد، بل امتدت خدمته إلى ضيوف الرحمن، حيث كان يساعد الحجاج والمعتمرين في أداء مناسكهم، مقدمًا لهم العون بكل حبٍ وإخلاص.
رحيله.. لكن الخير لا يموت
في يوم الجمعة 10 سبتمبر 2021، رحل الحاج محمد الجوهري إلى جوار ربه، تاركًا خلفه إرثًا خالدًا من الأعمال الصالحة. لكنه لم يرحل وحده، بل ترك أبناءه الذين حملوا راية الخير من بعده، فأكملوا مسيرته في غسل وتكفين الموتى، وخدمة الحجاج والمعتمرين، ونشر العمل الخيري في القرية.
كلمة أخيرة
الحاج محمد الجوهري لم يكن مجرد اسمٍ في سجل الحياة، بل كان قصة عطاءٍ لا تنتهي، وذكرى طيبة في كل بيتٍ من بيوت دلهمو. رحل بجسده، لكنه باقٍ بأثره، حاضرٌ بدعوات من انتفعوا بعلمه، وبُنيانه، وسعيه الدؤوب لنشر الخير.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وجعل كل أعماله نورًا يضيء قبره، وبارك في أبنائه الذين يُكملون مسيرته المباركة.