عددالزائرين الان

الأربعاء، 26 مارس 2025

المقاومة الفلسطينية هل المشكلة في حماس ام في فكرة المقاومة ذاتها

 المقاومة الفلسطينية: هل المشكلة في "حماس" أم في فكرة المقاومة ذاتها؟


منذ اندلاع الصراع الفلسطيني – الصهيوني، والمقاومة بأشكالها المختلفة كانت جزءًا أصيلًا من المشهد، تتغير الأسماء والتنظيمات، لكن يبقى الهدف واحدًا: تحرير الأرض ومواجهة الاحتلال. وعلى الضفة الأخرى، يتكرر نفس الخطاب المعادي لأي مقاومة، سواءً كانت "فتح" في الستينات والسبعينات، أو "حماس" منذ التسعينات وحتى اليوم. السؤال الجوهري هنا: هل المشكلة الحقيقية عند المنتقدين هي في "حماس" نفسها، أم في فكرة المقاومة ذاتها؟


أوهام "الرغد" واتهامات الدمار


لطالما روجت بعض الأصوات لخطاب أن غزة كانت تعيش في "رغد" لولا وجود المقاومة، وتحديدًا "حماس"، وأن الاحتلال لم يكن ليشن عدوانه على القطاع لولا وجود سلاح المقاومة. هذا الطرح يتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا، لأن الاحتلال الصهيوني لم يكن بحاجة إلى مبررات لممارسة عدوانه، فهو قائم على فكرة التوسع والاستيطان بغض النظر عن وجود مقاومة أو عدمها.


قبل نشأة "حماس" عام 1987، كان الاحتلال يبطش بالفلسطينيين في غزة والضفة، وكانت المجازر تُرتكب دون أن يكون هناك وجود لحركة إسلامية مقاومة. فمن كان السبب آنذاك؟


حين كانت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة فتح هي رأس المقاومة في الستينات والسبعينات، كانت تُتهم بأنها "سبب معاناة الشعب الفلسطيني"، وعندما دخلت فتح مسار التسوية بعد اتفاق أوسلو، لم تتوقف معاناة الفلسطينيين، بل استمر الاحتلال في توسيع الاستيطان وقضم الضفة الغربية وتهويد القدس. إذن، هل المشكلة كانت في "فتح" حينها؟ أم أنها في وجود أي طرف فلسطيني يرفض الاستسلام؟


تبديل الأسماء، بقاء العداء


لو افترضنا أن "حماس" اليوم ألقت سلاحها واختفت من المشهد، وجاءت مقاومة جديدة تحت اسم "المقاومة الشعبية" أو "سرايا التحرير" أو أي مسمى آخر، فهل ستحظى بالقبول من خصومها الداخليين والخارجيين؟


بالتأكيد لا، بل ستجد نفس الخطاب يتكرر: "هذه الجماعة مسؤولة عن خراب غزة، لو لم تكن موجودة لعاش أهل القطاع في سلام!". المشكلة ليست في اسم التنظيم أو خلفيته الأيديولوجية، وإنما في وجود مقاومة أصلًا، لأن المطلوب هو نزع السلاح الفلسطيني بالكامل وإجبار الشعب الفلسطيني على العيش تحت الاحتلال دون أي وسيلة للدفاع عن نفسه.


هذا ليس استنتاجًا نظريًا، بل هو واقع تاريخي:


في عام 1948، لم تكن هناك "حماس"، ومع ذلك تم تهجير الفلسطينيين من ديارهم في النكبة.


في عام 1967، لم تكن "حماس" قد ظهرت بعد، ومع ذلك احتل العدو القدس والضفة وغزة والجولان وسيناء في النكسة.


في الثمانينات، قبل ظهور "حماس"، كان الاحتلال يمارس الاعتقالات والقتل والتشريد ضد الفلسطينيين في كل مكان.



إذن، هل كانت المقاومة هي السبب في العدوان، أم أن العدوان هو الذي صنع المقاومة؟


الهدف الحقيقي: تصفية المقاومة نهائيًا


هناك من يروج لفكرة أن "المقاومة المسلحة ليست حلاً"، وأن "الكفاح السلمي هو الخيار الأفضل"، لكن الحقيقة أن الاحتلال لا يقبل أي نوع من المقاومة، حتى السلمية.


حينما حاول الفلسطينيون المقاومة السلمية من خلال مسيرات العودة الكبرى عام 2018، رد الاحتلال بقتل وإصابة الآلاف على حدود غزة.


حينما قاوم الفلسطينيون في القدس بالاحتجاجات السلمية، واجههم الاحتلال بالقمع والاعتقالات والطرد من بيوتهم كما حدث في حي الشيخ جراح وسلوان.


حتى المقاومة الثقافية تُحارب، فالاحتلال يعتقل الصحفيين والكتاب والفنانين الذين ينقلون الحقيقة.



إذن، القضية ليست في نوع المقاومة، بل في رفض الاحتلال لأي شكل من أشكال المقاومة، حتى لو كانت بالكلمة والصورة!


الخلاصة: المشكلة في الاحتلال، لا في المقاومة


من يزعم أن "حماس" هي سبب معاناة غزة، أو أن "المقاومة هي سبب الخراب"، يتجاهل حقيقة أن الاحتلال هو الجذر الحقيقي لكل ما يعانيه الفلسطينيون. لو انتهت "حماس" اليوم، ستجد نفس الأصوات تهاجم أي مقاومة أخرى تظهر في المشهد، وستستخدم نفس الحجة: "لولاهم لكنا في نعيم!".


لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: هل الفلسطينيون كانوا في "رغد" قبل المقاومة؟ وهل سينالون حقوقهم لو ألقوا السلاح؟


الإجابة يعرفها التاريخ جيدًا: الاحتلال لا يحتاج مبررًا ليقتل الفلسطينيين، لكنه يحتاج مبررًا ليجعل بعض الفلسطينيين يلومون بعضهم بدلًا من أن يلوموا عدوهم الحقيقي.