ومدت يدها إليها بالمرآة قائلة:
-هاك انظري.. ستنسى النساء اليوم العروس حين يرينك.
احمرت وجنتا الصبية ولم تعقب على شي.
وقامت مسرعة لترتدي ثوبها الجديد.
أما هي -هوازن- فقد هتفت بمرح وهي تضرب المشط على كفها الممدودة :
-هيا.. هيا.. مازالت الماشطة تنتظر الرد .. دور من الآن؟
وسرعان مااحتلت أختها الاخرى الكرسي أمامها .. لتنهمك من جديد في تسوية شعر اخر..
تمتمت امها التي كانت تراقبها ببعض الدعوات..
والتمعت الدموع في عينيها .
لكنها مسحتها قبل ان تلاحظها الابنه التي رفعت راسها قائله:
-هيا ياأم..لحظات وانتهي من بسمه؛ وياتي دورك.
تنهدت الام.
وقالت هي تمسح بكفيها رأسا اشيب:
-أنا لست بحاجة للمشط.. هه..يدأى تكفيان، المهم أنت ، كاد الوقت يداهمنا وأنت لم تمتشطي ولم تلبسي بعد..
لبرهة.. شردت نظرات هوازن..
تعلقت بالفراغ وهمست كأنها تحدث نفسها: أنا ؟.. ومن ينظر إلي أنا.!!..
وبصوت أعلى قالت وقد لاحظت النظرات الحزينة في عيني أمها :
-لاتقلقي "ياست الكل"، في خمس دقائق أكون جاهزة, صدقيني.
******
ضجت القاعة بالزعاريد حين وصلت العروس ..
ووقفت النسوة .. كل تريد ان تحظى بالنظرة الاولى منها..
وتطاولت هوازن ما استطاعت لتراها ..فلم تستطع ..
فعاودت الاسترخاء في مقعدها تنتظر أن يخف الزحام.
وانفرج الزحام أخيرا حين اتخذت العروس مكانها...
وانهمكت النسوة بالنشيد والزغاريد.
وكانت هوازن أحلاهن صوتا وأشدهن حماسا..
ودارت العيون ..
تدقق في الصبايا...
عيون الامهات اللواتي يحرصن على مثل هذه المناسبات ، ليخترن أفضل العرائس لاولادهن..
وهمست أحداهن لاخرى بجوارها ، مشيرة إلي هوازن:
- انظري هذه الفتاة هناك.. سبحان الخلاق ، هذه العيون وهذا الشعر
وهذا المبسم..
أجابت الثانية وهي تعلق عيناها بالوجه البشوش المتألق:
-تبارك الرحمن .. هي والله نعم ماأتمنى لولدي.. ولكن كيف أعرف من هي؟..
طمأنتها الاولى :- لحظات وأحضر لك أصلها وفصلها ومن أهلها وأين تدرس..
وانتقلت السيدة إلى مكان قريب من هوازن .
وما إن عرفت كل شي عنها حتى عادة ببسمة مظفرة إلى صاحبتها التي أثنت على جهدها المبارك..
وبقيت العيون الاربع _طوال الحفل _ معلقة بهوازن..
تدرس النظرة والضحكة واللفته والصوت..
ليزداد الاعجاب أكثر فأكثر..
حتى إذا غادرت العروس..
وانفض الحفل..
امتدت يدا هوازن خلف كرسيها.
وتلمست عكازيها المعدنيين.
ووضعتهما تحت أبطيها، ثم... رفعت نفسها بصعوبة وبطء، حتى استقرت واقفة..!!
ورفعت وجهها الضاحك المشرق..
لتفاجأ بعيون أربع ترنو إليها بنظرات ملؤها الشفقة والحسرة !!!
فمن ترضى لابنها بعروس معاقة ؟؟
الحمد لله رب العالمين ولله مأخذ .. ولله مأعطى..
__________________